‌‌مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه131

مسند احمد

‌‌مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه131

حدثنا أبو عامر، حدثنا فليح، عن سعيد بن الحارث، قال: اشتكى أبو هريرة - أو غاب - فصلى بنا (2) أبو سعيد الخدري " فجهر بالتكبير حين افتتح الصلاة، وحين ركع، وحين قال: سمع الله لمن حمده، وحين رفع رأسه من السجود، وحين سجد، وحين قام بين الركعتين حتى قضى صلاته على ذلك "، فلما صلى، قيل له: قد اختلف الناس على صلاتك، فخرج فقام عند المنبر، فقال: أيها الناس والله ما أبالي اختلفت صلاتكم أو لم تختلف، " هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي " (1)

كان التَّابعونَ يُرافِقونَ أصحابَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لِيتعلَّموا مِن عِلْمِهم، ويأخُذوا منهم سُنَّةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ ليَعمَلوا بها ويُعلِّموها من بعدَهم.
وفي هذا الأثرِ يَحكي سعيدُ بنُ الحارثِ بنِ المُعلَّى الأنصاريُّ -أحدُ التابعينَ وقاضي المدينةِ في عهدِ بَني أُميَّةَ- أنَّه: "اشتكى أبو هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه" بسببِ المرضِ، "أو غاب" عن إمامةِ الصلاةِ، وكان هو إمامَ الناسِ ويُصلِّي بهم في إمارةِ مَرْوانَ بنِ الحَكَمِ على المدينةِ، "فصلَّى بنا أبو سعيدٍ الخُدْريُّ رضِيَ اللهُ عنه، فجهَرَ بالتَّكبيرِ" رافعًا به صوتَه "حينَ افتَتَح الصلاةَ" للإحرامِ بها، "وحينَ ركَعَ، وبعدَما قال: سَمِع اللهُ لمَن حَمِدَه" عندَ النُّزولِ إلى السُّجودِ، "وحينَ رفَعَ رأسَه مِن السُّجودِ، وحينَ سجَدَ" السَّجدةَ الثانيةَ، "وحينَ رفَعَ" مِن السَّجدةِ الثانيةِ ليقومَ إلى الركعةِ التاليةِ، "وحينَ قامَ مِن الرَّكعتينِ" بعدَ التشهُّدِ الأوسطِ، "فلمَّا انصرَفَ" وانتَهى أبو سعيدٍ رضِيَ اللهُ عنه مِن الصلاةِ "قيل له: قد اختَلَفَ الناسُ على صلاتِك!"، والاختلافُ بينَهم كان في الجهرِ بالتكبيرِ والإسرارِ به، وكان مَرْوانُ وغيرُه مِن بَني أُميَّةَ يُسِرُّونَ بالتكبيرِ، "فخرَجَ حتى قامَ عِندَ المِنبرِ، فقال: أيُّها الناسُ، إنِّي واللهِ ما أُبالي اختَلَفتْ صلاتُكم أو لم تَختلِفْ؛ إنِّي رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هكذا يُصلِّي"؛ فبيَّنَ أنَّه أدَّى الصلاةَ كما رآها وتعلَّمَها مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، بما فيها كيفيَّةُ تكبيراتِ الانتقالِ ومواضعُها، والتكبيرُ في الصلاةِ هو شِعارُ الانتقالِ مِن رُكنٍ إلى آخرَ، وفيه تغييرٌ للهيئةِ؛ فلا بدَّ مِن إشعارٍ يدُلُّ عليه.
وفي الحديثِ: ردُّ الاختلافِ بينَ المسلمينَ إلى الأصولِ الصحيحةِ الثابتةِ.
وفيه: حِرصُ الصحابةِ على بَيانِ الحقِّ مِن سُنَّةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ .