‌‌مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه259

مسند احمد

‌‌مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه259

حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله ورسوله " (1)

للأنصارِ مَرتبةٌ عاليةٌ في الإسلامِ؛ وذلك لِجُهدِهم العظيمِ في نُصرةِ دِينِ اللهِ، والسَّعيِ لإعلائِه، وإيوائِهم الرَّسولَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأصحابَه، وحُبِّهم له، وحُبِّه إيَّاهم؛ فقدْ كانوا يَبْذلونَ الغاليَ والنَّفيسَ مِنْ أموالِهم وأنفسِهم بينَ يديْهِ، وعادَوْا سائرَ النَّاسِ إيثارًا للإسلامِ، بيْنما كان غيرُهم يَكِيدُ للإسلامِ وأهلِه، وكَرِهَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِعْلَهُم، فيقولُ كما في هذا الحَديثِ: "لا يُبْغِضُ الأنصارَ رجُلٌ يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ" لأنَّ مَن عرَفَ حَقَّ الأنصارِ، ومُبادرتَهم إلى نُصرةِ الدِّينِ وإظهارِه، ومُقاتلتَهم كافَّةَ النَّاسِ دُونَه، ودِفاعَهم عنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ أحَبَّهم ضَرورةً، وكان ذلك مِن دَلائلِ صِحَّةِ إيمانِه وصِدْقِه في إسلامِه، ومَن أبْغضَهم استُدِلَّ ببُغضِه لهم على نِفاقِه وفَسادِ سَريرتِه.
"ولا يُحِبُّ ثَقيفًا رجُلٌ يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخرِ" ولعلَّ ذلك لِعِلْمِه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بخُروجِ بَعضِ الكذَّابينَ المُدَّعينَ للنُّبُوَّةِ مِن ثَقيفٍ؛ مثْلُ المُختارِ الثَّقفيِّ، وقد أخرَجَ الحاكمُ في المُستدرَكِ عن أبي بَرْزةَ الأسلميِّ، قال: كان أبغَضَ الأحياءِ إلى رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بنو أُميَّةَ وبنو حَنيفةَ وثَقيفٌ".
وفي الحديثِ: بَيانُ مَنقبةِ الأنصارِ، وأنَّ حُبَّهمْ دليلٌ على صِدْقِ الإيمانِ، وأنَّ بُغضَهم دليلٌ على نُقصانِ الإيمانِ أو فسادِه.