مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه343
مسند احمد
حدثنا محمد بن جعفر، وروح، قالا: حدثنا سعيد، وعبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي عيسى، - قال عبد الوهاب في حديثه: عن أبي عيسى الحارثي -، عن أبي سعيد الخدري قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشرب الرجل قائما " (1)
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى أنْ يَشرَبَ المُسلِمُ وهو قائمٌ، وقد سَأل التَّابعيُّ قَتادةُ بنُ دِعامةَ أنسًا رَضيَ اللهُ عنه عَنِ الأكْلِ قائمًا، فأجابَ: أنَّ ذلك أشرُّ أو أخبثُ، فَالأكلُ والشُّربُ جالِسًا أحسنُ وأكملُ وأفضلُ من الأكْل والشُّربِ وَاقفًا.
وقدْ وَرَد عندَ التِّرمذيِّ مِن حَديثِ ابنِ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما قال: «كنَّا نَأكُلُ على عَهدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ونحن نَمْشي، ونَشرَبُ ونحْن قِيامٌ»، وقدْ ثَبَت أيضًا أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَرِبَ وهو قائمٌ في أكثَرَ مِن حَديثٍ، وفي الجمعِ بيْنَ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَشرَبُ قاعدًا وأنَّه نهَى عن الشُّربِ قائمًا: أنَّ النَّهيَ نَهْيُ تَنزيهٍ، لا نَهْيُ تَحريمٍ، وقدْ فعَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الأمرَينِ؛ للدَّلالةِ على أنَّ الأمْرَ في ذلك واسِعٌ، وذلك يكونُ بحَسَبِ حالِ الإنسانِ؛ فإذا احتاجَ أنْ يَأكُلَ قائمًا أو أنْ يَشرَبَ قائِمًا، فلا حرَجَ، وإنْ قعَدَ فهو الأفضَلُ.
وفي الحديثِ: بيانُ هدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في تناوُلِ الطَّعامِ والشَّرابِ.