مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه595
مسند احمد
حدثنا عفان، حدثنا همام، عن قتادة، قال: حدثني أربعة رجال، عن أبي سعيد الخدري، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نبيذ الجر " (1)
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ أبو العلانِيَةِ المَرَئيُّ: "سألْتُ أبا سَعيدٍ الخُدريَّ رضِيَ اللهُ عنه عن نَبيذِ الجَرِّ"، أي: عن حُكمِ الانتباذِ فيه، والجَرُّ هو الإناءُ المَصنوعُ مِن فَخَّارٍ، والنَّبِيذُ: نَقيعُ التَّمرِ والزَّبِيبِ ونَحوِهِما قَبلَ أنْ يَشتَدَّ ويُصبِحَ مُسكِرًا، قال أبو سعيدٍ رضِيَ اللهُ عنه: "نَهَى عنه رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: حَرَّمَ الانتباذَ فيه؛ لِمَا له مِن تأثيرٍ أسرَعَ في تَحويلِ النَّبِيذِ إلى خَمرٍ، "قلْنا: فالجُفُّ"، وهو بضَمِّ الجيمِ، وتَشديدِ الفاءِ: وِعاءٌ مِن جُلودٍ، لا يُوكَأُ، أي: لا يُشَدُّ ولا يُربَطُ. وقيل: نِصفُ قِرْبةٍ، تُقطَعُ مِن أسفَلِها، وتُتَّخَذُ دلْوًا، قال: ذاك شَرٌّ"، أي: إنَّه أشَدُّ وأسرَعُ في تَغييرِ النَّبيذِ مِن الجَرِّ.
وقد ثبَتَ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما يَنسَخُ هذا النَّهيَ؛ ففي صَحيحِ مُسلمٍ عن بُريدةَ الأسلميِّ رضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "نَهيتُكم عن النَّبيذِ إلَّا في سِقاءٍ، فاشْرَبوا في الأسقيةِ كلِّها، ولا تَشْرَبوا مُسكِرًا"؛ فظهَرَ أنَّ النَّهيَ كان بسبَبِ الإسكارِ، وليس عن الأواني لذاتِها.