مسند أبي هريرة رضي الله عنه 211
مسند احمد
سمعت سفيان يقول: «إذا كفى الخادم أحدكم طعامه، فليجلسه فليأكل معه، فإن لم يفعل، فليأخذ لقمة، فليروغها فيه، فيناوله» وقرئ عليه إسناده: سمعت أبا الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
المُعاملَةُ الحسَنَةُ وحسْنُ الخلُقِ وبذْلُ الإحْسانِ للنَّاسِ كافةً؛ منَ الأُمورِ الَّتي حَثَّ عليها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأمَرَ المسلِمَ أنْ يَتحلَّى بها مع إخْوانِه، بلْ مع مُجتمَعِه كلِّه
وفي هذا الحديثِ يُرشِدُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه إذا كلَّف أحدٌ خادمَه -وهو العبدُ المملوكُ، ويَدخُلُ فيه الخادمُ الأجيرُ- فأمَرَه أنْ يَصنَعَ له طعامًا، ثمَّ صنَع الخادمُ الطَّعامَ وباشَر طَهْيَهُ ومتابعةَ طبْخِه على النَّارِ، وذاق حَرَّه، وعانى دُخَانَه، وجاء به إلى سيده بعد معاناةِ كلِّ تلك المشقَّةِ - فليُجلِسِ السَّيِّدُ خادمَه ليأكُلَ معه؛ فقدْ تَعِبَ في إعدادِ هذا الطَّعامِ، فإنْ كان الطَّعامُ «مَشْفُوهًا»، أي: كثيرَ الشِّفاهِ حولَه، يعني أنَّ العددَ كثيرٌ، والطَّعامُ قليلٌ لا يَكفي لجلوسِ الخادمِ ليأكُلَ منه، «فَلْيَضَعْ في يَدِهِ منه أُكْلَةً، أوْ أُكْلَتَيْنِ» أي: لُقمةً أو لُقْمتينِ؛ حيث إنَّه قدْ تَحمَّلَ مَشقَّةَ إعدادِ الطَّعامِ ومُعاناتَه، فيكونُ بذلك قدْ واساهُ وأكرَمَه، وجَعَل إلى السَّيِّدِ حُرِّيَّةَ الاختيارِ بيْن أنْ يُجلِسَ الخادمَ للأكلِ معه أو تَرْكِه، مع حَضِّه على أنَّه إنْ لم يَأكُلْ معه أنْ يُعطِيَه مِن ذلك الطَّعامِ الَّذي تَعِب فيه
وفي الحديثِ: الحثُّ على الرَّحمةِ بالخَدمِ والعبيدِ
وفيه: مُشاركةُ الرَّقيقِ في الطَّعامِ والشَّرابِ
وفيه: أنَّه يَنْبغي للمسْلمِ ألَّا يَترفَّعَ على أخيهِ المسْلمِ، ولا يَحتقِرَه، وإنْ كان عبْدًا ونحْوَه مِن الضَّعَفةِ