مسند أبي هريرة رضي الله عنه 337
مسند احمد
حدثنا يزيد، أخبرنا محمد بن عمرو، عن صفوان بن أبي يزيد، عن حصين بن اللجلاج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخري رجل مسلم، ولا يجتمع شح وإيمان في قلب رجل مسلم»
لَمَّا جاء الإسلامُ رسَّخَ كلَّ مَعاني الإيمانِ، ورَبَط الخُلُقَ الحسَنِ بكَمالِ الإيمانِ، وكذلك نَفى التَّرابُطَ بين الخُلُقِ السَّيِّئِ وكمالِ الإيمانِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لا يَجتمِعُ غُبارٌ في سَبيلِ اللهِ"، وهذا كِنايةٌ عمَّن خرَج للقِتالِ والغَزوِ في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ ومات فيه أو بَعدَه، والمرادُ بالغُبارِ: ما يَنتجُ عن الحركَةِ أثناءَ القِتالِ، "ودُخانُ جهنَّمَ"، وهذا كِنايةٌ عن عَذابِها، "في جَوفِ عَبدٍ"، أي: إنَّ الجِهادَ في سَبيلِ اللهِ مُقتَضٍ لسلامَةِ المجاهِدِ مِن العَذابِ
قيل: وهذا الوَعدُ في حقِّ مَن لم يَكُن عليه دَينٌ أو حقوقٌ للعِبادِ؛ لِمَا وردَ في صَحيح مُسلِمٍ، أنَّ رجلًا سألَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أرأيتَ إنْ قُتِلتُ في سبيلِ اللهِ؛ أتُكفَّرُ عني خطاياي؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: "نعَمْ، إنْ قُتِلتَ وأنتَ صابِرٌ مُحتسِبٌ، مُقبِلٌ غيرُ مُدبرٍ، إلَّا الدَّيْن؛ فإنَّ جبرائيلَ قال لي ذلك"؛ فالذي تُكفِّرُه الشهادةُ هي الحُقوقُ المتعلِّقةُ باللَّهِ سبحانَه وتعالى فقط،"ولا يَجتمِعُ الشُّحُّ"، أي: البُخلُ، "والإيمانُ في جَوفِ عَبدٍ"، أي: لا يَنبَغي للمؤمنِ أنْ يجمَعَ بين الإيمانِ والشُّحِّ في قَلبِه؛ وقيل: بل المرادُ كَمالُ الإيمانِ، وقيل: بل قَلَّما يَجتمِعُ الإيمانُ والشُّحُّ في قلبِ عبدٍ، واعتُبِرَ ذلك بمنزلَةِ العدَمِ
وفي الحديثِ: الحَثُّ على الجِهادِ والتَّرغيبُ فيه
وفيه: التَّحذيرُ مِن البُخلِ والتَّرهيبُ منه