بقية حديث سهل بن أبي حثمة 4
مستند احمد
حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا خبيب بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن مسعود بن نيار، عن سهل بن أبي حثمة، قال: أتانا ونحن في مسجدنا، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا خرصتم فخذوا ودعوا، دعوا الثلث، فإن لم تدعوا أو تجدوا - شعبة الشاك - الثلث أو الربع»
تَتَّسِمُ الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ بسَماحَتِها وسُهولَتِها على المكلَّفينَ؛ حيث تُراعي أحوالَ الجميعِ، وتَدفَعُ عنهم الحَرَجَ، ولَمَّا كان بعضُ أربابِ الثِّمارِ يَتحرَّجونَ مِن التَّصرُّفِ في ثِمارِهم حيث تَعلَّقَت به حُقوقُ الفُقراءِ، ويَتساهَلُ بَعضُهم، فيَتصرَّفُ بغَيرٍ حَدٍّ، ويُضيِّقُ على الفُقراءِ حُقوقَهم؛ شُرِعَتْ بعضُ الأمورِ رِعايةً لِمَصلحةِ الجانبينِ، وهذا مِن فضْلِ اللهِ تعالى
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إذا خَرَصْتُم"، والخرْصُ: هو تَقديرُ ما على النَّخْلِ مِن الرُّطَبِ تَمْرًا، وما على الكُرومِ مِن العِنَبِ زَبيبًا، مِن جامِعِ الزَّكاةِ أو مَن له خِبرةٌ بذلك، وفائدتُه: أمْنُ الخِيانةِ مِن رَبِّ المالِ، وضبْطُ حقِّ الفُقراءِ على المالِكِ، "فخُذُوا ودَعُوا"، أي: فخُذُوا بَعضَ الثَّمَرِ واتْرُكوا بَعضَه، "دَعُوا الثُّلُثَ، فإنْ لم تَجُدُّوا أو تَدَعُوا؛ فالرُّبُعُ" وهذا مِن بابِ التَّخييرِ والتَّيسيرِ على أصحابِ المزارِعِ والثِّمارِ، فإذا جاء المُصدَّقُ عاملُ الزَّكاةِ الذي يأْخُذُ زَكاةَ الثِّمارِ، فلهمْ أنْ يُقدِّروا الثِّمارَ ويَعرِفوا قَدْرَها، وأنْ يَتْرُكوا بعضَها ويُسامِحوا فيه؛ لأنَّ صاحِبَ الثِّمارِ يكونُ له الجارُ المسكينُ؛ فلا بُدَّ أنْ يُطعِمَه ويُهْدِيَ إليه، ولا يَكادُ أنْ يَسلَمَ زَرعٌ مِن أكْلِ طائرٍ، وأخْذِ إنسانٍ مارٍّ، كما أنَّ صاحبَ الثَّمَرِ له أنْ يأْكُلَ منه بحَسَبِ حاجَتِه، فأمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالتَّخفيفِ على الناسِ وعَدَمِ التَّشديدِ عليهم، لِهَذه المعاني