مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه615
مسند احمد
حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وأبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من اغتسل يوم الجمعة، واستاك، ومس من طيب (1) إن كان عنده، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج حتى يأتي المسجد، فلم يتخط رقاب الناس، ثم ركع ما شاء أن يركع، ثم أنصت إذا خرج الإمام، فلم يتكلم حتى يفرغ من صلاته، كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة التي قبلها " قال: وكان أبو هريرة يقول: " وثلاثة أيام زيادة، إن الله جعل الحسنة بعشر أمثالها " (2)
أمَرَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِالاغتسالِ يومَ الجُمُعةِ، وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِفَضيلةِ الاغتسالِ والتَّطيُّبِ والخُروجِ لِصلاةِ الجُمعةِ، فيقولُ: "مَنِ اغتسَلَ يومَ الجُمعةِ"، أي: اغتسَلَ الغُسلَ الشَّرعيَّ، وهو تَعميمُ البدنِ بالماءِ، "ولَبِسَ مِن أحسَنِ ثِيابِهِ"، أي: مِن أفضَلِها، وقيل: هي الثِّيابُ البيضُ، "ومَسَّ مِن طِيبٍ إنْ كانَ عِندَه"، أَيْ: إنْ تَيسَّرَ لهُ تَحْصيلُهُ، بأنْ يكونَ في بَيتِهِ أو عِندَ امْرَأتِهِ، ولا يَطْلُبُ مِن غَيرِه، "ثمَّ أتى الجُمعةَ، فلمْ يتخَطَّ أعناقَ النَّاسِ" بأنْ بكَّرَ، وقَعَدَ حيثُ انْتَهى إليه المجلِسُ؛ فإنَّ مَن أرادَ التَّقدُّمَ في الصُّفوفِ مع التَّأخُّرِ في المجيءِ، فقدْ تعَدَّى حَدَّ التَّأثُّرِ، "ثمَّ صَلَّى ما كتَبَ اللهُ له"، أي: أدَّى ما قَضاهُ اللهُ وقَدَّرَهُ له، "ثمَّ أنْصَتَ إذا خرَجَ إمامُه" عندَ طُلوعِ المِنْبرِ والتَّوجُّهِ إلى النَّاسِ، "حتَّى يَفرُغَ مِن صَلاتِه"، أي: إذا ظَلَّ على هذه الحالِ مِنَ الإنصاتِ حتَّى يَنتَهِيَ مِن أداءِ صَلاةِ الجُمعةِ، "كانت" فِعْلَتُه هذه، "كفَّارةً لِمَا بيْنَها"، أي: لِمَا وقَعَ لهُ مِنَ الذُّنُوبِ بيْن ساعَةِ صَلاتِه هذه، "وبيْنَ جُمعَتِه الَّتي قبْلَها. ويقولُ أبو هُريرةَ"، أي: في روايتِه: "وزِيادةُ ثلاثةِ أيامٍ؛ إنَّ الحَسنةَ بِعشْرِ أمْثالِهَا" وهذا مِن فَضْلِ اللهِ على عِبادِهِ.