مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 361
حدثنا عبيدة، حدثني منصور، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، من المدينة يريد مكة، فصام حتى أتى عسفان، قال: فدعا بإناء، فوضعه على يده، حتى نظر الناس إليه، ثم أفطر " قال: فكان ابن عباس يقول: " من شاء صام، ومن شاء أفطر "
في هذا الحديث بيان أن الصحابة رضي الله عنهم في أول أمر الصيام لم يكونوا قد تدربوا على الصيام، فلما أمروا به رحمة من الله سبحانه بهم، كان الخيار: إما أن يصوموا، وإما أن يفطروا ويطعموا مكان كل يوم مسكينا.
فيقول سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: لما نزلت آية: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} [البقرة: 184]، أي: من يطيقون الصوم وليس لهم عذر، وهم الأصحاء ومن ليس بهم مرض أو علة، ففدية ذلك إطعام مسكين عن كل يوم، فكان من أراد أن يفطر يفتدي بأن يطعم مسكينا عن كل يوم، وكان هذا الأمر في بدء الإسلام، حتى نزلت الآية التي بعدها، وهي: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [البقرة: 185] الآية، فنسخت تخيير القادر في الصيام أو عدمه، وصار الصيام فرضا على الكل إلا من لم يستطع