حديث معاوية بن أبي سفيان 16
مستند احمد
حدثنا عارم، حدثنا أبو عوانة، عن المغيرة، عن معبد القاص، عن عبد الرحمن بن عبد [ص:61]، عن معاوية، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد، فاجلدوه، فإن عاد، فاجلدوه، فإن عاد الرابعة، فاقتلوه»
شُربُ الخَمْرِ مِنَ المُحرَّماتِ والكَبائِرِ التي فيها حَدٌّ مِن حُدودِ اللهِ
وهذا الحَديثُ يبيِّنُ ذلك الحدَّ وتلك العقوبةَ، حيثُ يَقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن شَرِبَ الخَمرَ فاجلِدوه"، فمَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فإنَّه يُقامُ عليه الحَدُّ بجَلدِه، والمُرادُ بالجَلدِ: ضَربُ المَحدودِ بسَوطٍ، أو جَريدٍ، أو ما شابَهَ، "فإنْ عادَ فاجلِدوه"، فإنْ شَرِبَها في المَرَّةِ الثَّانيةِ يُقامُ عليه الحَدُّ بالجَلدِ أيضًا، "فإنْ عادَ فاجلِدوه"، فإذا عادَ إلى شُربِها في المَرَّةِ الثَّالِثةِ يُقامُ عليه الحَدُّ بالجَلدِ، "فإنْ عادَ في الثالِثةِ أو الرابِعةِ فاقتُلوه"، فإذا شَرِبَ الخَمرَ في المَرَّةِ الرَّابِعةِ وكانَ في كُلِّ مَرَّةٍ مِن قَبْلُ يُقامُ عليه الحَدُّ بالجَلدِ؛ فإنَّ حَدَّهُ هذه المَرَّةَ القَتلُ. قالَ قَبيصةُ بنُ ذُؤَيْبٍ رَضيَ اللهُ عنه: "فأُتيَ برَجُلٍ قد شَرِبَ، فجَلَدَه، ثم أُتيَ به فجَلَدَه، ثم أُتيَ به فجَلَدَه، ثم أُتيَ به فجَلَدَه"، وكانتْ هذه هي المَرَّةَ الرَّابعةَ التي يُؤتَى به فيها وهو شارِبٌ للخَمرِ، فكانَ حدُّهُ القَتلَ، ولكنَّهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَلَدَه "ورَفَعَ القَتلَ"؛ فنَسَخَ حُكمَ القَتلِ في شُربِ الخَمرِ بَعدَ المَرَّةِ الرابِعةِ، "وكانتْ رُخصةً" رَخَّصَها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. "قالَ سُفيانُ" وهو ابنُ عُيَيْنةَ: "حَدَّثَ الزُّهريُّ بهذا الحَديثِ وعِندَه مَنصورُ بنُ المُعتَمِرِ ومِخوَلُ بنُ راشِدٍ، فقالَ لهما: كونَا وافِدَيْ أهلِ العِراقِ بهذا الحَديثِ"، أي: فانقُلاهُ إلى أهلِ العِراقِ؛ لِيَعمَلوا به، ولِيَصِلَهم حُكمُ نَسخِ القَتلِ في شُربِ الخَمرِ بَعدَ المَرَّةِ الرابِعةِ. وعلى هذا فقدِ استَقَرَّ الإجماعُ على ثُبوتِ حَدِّ الخَمرِ، وأنَّه لا قَتْلَ فيه، إلَّا أنَّ الخِلافَ بقِيَ في حَدِّ الجَلدِ بيْنَ الأربَعينِ أو الثَّمانينَ