مسند أبي هريرة رضي الله عنه 524
مسند احمد
حدثنا عبد الرزاق، وابن بكر، قالا: أخبرنا ابن جريج، أخبرني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبي عبد الله إسحاق، أنه سمع أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تطلع الشمس ولا تغرب على يوم أفضل من يوم الجمعة، وما من دابة إلا تفزع ليوم الجمعة، إلا هذين الثقلين من الجن والإنس، على كل باب من أبواب المسجد ملكان، يكتبان الأول فالأول، فكرجل قدم بدنة، وكرجل قدم بقرة، وكرجل قدم شاة، وكرجل قدم طائرا، وكرجل قدم بيضة، فإذا قعد الإمام، طويت الصحف»
أمَرَ اللهُ سبحانه وتعالى عِبادَه المؤمنينَ بِالْمُسارَعةِ في الخَيراتِ، ومدَحَ مَن يَفعلُ ذلك، فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [الأنبياء: 90]، ولَمَّا كانَ التبكيرُ إلى الصَّلاةِ من الخيراتِ خاصَّةً في صَلاةِ الجُمُعةِ، كان لِلسَّابقِ إليها فَضلٌ وثوابٌ أكثرُ من غيرِه
وفي هذا الحديثِ يُخبرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن فضلِ التَّبكيرِ إلى صلاةِ الجُمُعةِ، فيقولُ: "لا تطلُعُ الشَّمسُ ولا تَغرُبُ على يومٍ أفضلَ من يومِ الجُمُعةِ"، أي: خيرُ يومٍ أشرقتْ فيه الشمسُ أو غربتْ هو يومُ الجُمُعةِ، "وما من دابَّةٍ إلا هي تفزَعُ يومَ الجُمُعةِ"، أي: خوفًا من قِيامِ السَّاعةِ في ذلك اليَومِ؛ وذلك فطرةٌ فطَرَهم اللهُ عليها، "إلَّا هذينِ الثقلينِ من الجِنِّ والإِنْسِ"، أي: فإنَّهم لا يتَرقَّبون ولا يَخافون قِيامَ السَّاعةِ في هذا اليومِ؛ لِكَثرةِ غَفلتِهم، "على كُلِّ بابٍ من أبوابِ المسجدِ مَلَكَانِ" يعني: في صلاةِ الجُمُعةِ، "يَكتُبانِ الأوَّلَ فالأوَّلَ"، أي: يكتُبانِ مَن بَكَّرَ وحضَرَ إلى الصَّلاةِ بتَرتيبِهم، "فكرَجُلٍ قدَّم بدنةً"، أي: مَن ذَهَبَ إلى صلاةِ الجُمُعةِ مُبكِّرًا
في الساعةِ الأُولى فكأنمَّا تَقرَّبَ إلى اللهِ تعالى بِالتَّصدُّقِ بِبدنَةٍ، وهي الجمَلُ، "وكرَجُلٍ قدَّم بقرةً"
أي: ومَن ذَهَب إليها في السَّاعةِ الثَّانيةِ، فكأنَّما تَصدَّقَ بِبقرةٍ للهِ تعالى، "وكرَجُلٍ قدَّم شاةً"
أي: ومَن ذَهَب إليها في السَّاعةِ الثالثةِ فكأنَّما تَصدَّقَ بشاةٍ، "وكرَجُلٍ قدَّم طائرًا"
أي: ومَن ذَهَب إليها في السَّاعةِ الرابعةِ، فكأنما تصدَّق بطائرٍ، وفي روايةِ الصحيحِ: "دَجاجةً"، "وكرَجُلٍ قدَّم بيضةً"
أي: ومَنْ راحَ في السَّاعةِ الخامسةِ فكأنَّما قرَّبَ بيضةً، والسَّاعاتُ المقصودةُ تبدأُ من طلوعِ الشَّمسِ إلى الأذانِ الثَّاني، وتُقسَّمُ خمسةَ أجزاءٍ، "فإذا حضَرَ الإمامُ طُوِيَتِ الصُّحُفُ"، أي: إذا خرجَ الإمامُ وصعِدَ المنبرَ دَخلتِ الملائكةُ، وتَرَكتْ كِتابةَ مَن يأتي بعد ذلك؛ لِيستمعوا إلى خُطبةِ الجُمُعةِ، وما فيها من ذِكْرٍ للهِ تعالى، فتَفوتُ مَن يأتي بعدَ ذلك فضيلةُ التَّبكيرِ لا ثوابُ الجمعةِ