مسند أبي هريرة رضي الله عنه 701
مسند احمد
حدثنا يزيد، أخبرنا هشام، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من قال إذا أمسى ثلاث مرات: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم تضره حمة تلك الليلة " قال: «فكان أهلنا قد تعلموها، فكانوا يقولونها، فلدغت جارية منهم، فلم تجد لها وجعا»
ذِكرُ اللهِ تعالى على كُلِّ حالٍ وفي كلِّ وقتٍ في الصَّباحِ والمساءِ حِصنٌ حَصينٌ، وحمايةٌ لكلِّ مُسلمٍ حريصٍ عليها، ويَقيهِ الشُّرورَ الظاهرةَ والباطنةَ
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "مَن قال إذا أمْسَى"، أي: عندما يحينُ وقتُ المساءِ، ووقتُها من بَعدِ صلاةِ العصرِ إلى أذانِ المغرِبِ، "ثلاثَ مراتٍ" مُكرِّرًا لهذا الذِّكرِ والدعاءِ: "أعوذُ"، أي: أعتصِمُ وأستجيرُ، "بكَلِماتِ اللهِ"، وهي كُتُبه المنزَّلةُ وأسماؤُه الحُسنَى، "التاماتِ"، أي: الوافياتِ في أداءِ معانيها، أو الكاملاتِ التي لا نقْصَ في شيءٍ منها ولا عيبَ، أو النافعاتِ للمُتعوِّذِ بها، الحافظاتِ له من الآفاتِ، وإنَّما وُصِف كلامُ اللهِ بالتمامِ؛ لأنَّه لا يكونُ في كلامِهِ شيءٌ من النَّقصِ والعيبِ، كما يكونُ في كَلامِ الناسِ، وقيل: إنَّ ذلك صِفةٌ يُراد بها المدحُ والثناءُ ولا يُرادُ بها الفَرْقُ بين مَوصوفينِ: أحدُهما تامٌّ، والآخَرُ ناقصٌ؛ لأنَّ كلماتِ الله تعالى لا نَقصَ في شيءٍ منها بوجهٍ من الوُجوهِ أصلًا "من شرِّ ما خَلَقَ" وهو عامٌّ لكل شيءٍ مخلوقٍ، "لم تضُرَّه حُمَةٌ تِلك اللَّيلةَ"، أي: لن يَضُرَّه السمُّ، أو لَدْغةُ كلِّ ذي سُمٍّ، كَالحيَّةِ والعَقربِ، وإذا أُصيبَ لم تَضُرَّه الإصابةُ، قال سُهيل بن أبي صالحٍ -أحدُ رُواةِ الحديثِ- كما في روايةِ الترمذيِّ: "فكان أهلُنا قد تَعلَّموها، فكانوا يقولونها كلَّ ليلةٍ؛ فلُدِغتْ جاريةٌ منهم فلم تَجِدْ لها ألَمًا"، أي: لم تَشعرْ بوَجعٍ أو أَلَمٍ من هذا السمِّ؛ لقولهم هذا الذِّكرَ
وفي الحديثِ: أهميةُ أذكارِ الصَّباحِ والمساءِ في حِفظِ العبدِ المؤمنِ
وفيه: حِرصُ الصحابةِ والتابعين على فِعْلِ ما حثَّهم عليه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم