مسند أبي هريرة رضي الله عنه 77
مسند احمد
حدثنا عمرو بن الهيثم، حدثنا ابن أبي ذئب، عن عجلان، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إني أنظر - أو: إني لأنظر - ما ورائي، كما أنظر إلى ما بين يدي، فسووا صفوفكم، وأحسنوا ركوعكم وسجودكم "
الخُشوعُ رُوحُ الصَّلاةِ، وبه يَحصُلُ للمُصلِّي السَّكينةُ والاطْمِئنانُ في الصَّلاةِ؛ فيكونُ أكثرَ إقْبالًا على اللهِ سُبحانَه، وقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعلِّمُ المُسلِمينَ آدابَ الصَّلاةِ ومُهمَّاتِها؛ ليَكونَ أتمَّ لصلاتِهم
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنِّي أنظُرُ -أو: إنِّي لَأنظُرُ- ما وَرائي، كما أنظُرُ إلى ما بينَ يَديَّ"، أي: أَرَاكم في الصلاةِ مِن وَراءِ ظَهْري كما أَرَاكم مِن أمامي؛ فإنَّ اللهَ تعالى خلَقَ له صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إدْراكًا مِن وَرائِه، وهذا مِن خَصائِصِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، وإبصارُه إدْراكٌ حَقيقيٌّ انخرَقَتْ له فيه العادةُ، وقدِ انخرَقَتِ العادةُ له صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأكثَرَ مِن هذا، وليس يَمنَعُ مِن هذا عَقْلٌ ولا شَرْعٌ، بل وَرَدَ الشَّرْعُ بظاهرِه؛ فوَجَبَ الإيمانُ به؛ "فسَوُّوا صُفوفَكم" بالتراصِّ والتجاوُرِ، وعدمِ تَرْكِ فُرْجةٍ فيها معَ تَرتيبِ النَّاسِ في الوقوفِ، الأعلَمُ والأكبَرُ ثمَّ النِّساءُ في النِّهايةِ، وأتِمُّوا الصُّفوفَ كأنِّي أنظُرُ إليكم، وأُسوِّيها لكم، "وأحْسِنوا رُكوعَكم وسُجودَكم" بإتْمامِهما والإتْيانِ بهما على أكمَلِ وَجهٍ، والمَعنى المُرادُ من ذلك: اخْشَعوا في الصَّلاةِ، وأَتِمُّوا أرْكانَها كأنِّي أَنظُر إليكم وأُوَجِّهُكم إلى صَحيحِها؛ فإنِّي أرى أحْوالَكم في الصَّلاةِ من وَرائي حالَ كَوْني واقِفًا إمامًا لكم وأنتم خَلْفي، كما أَراكم وأنا ناظرٌ إليكم أمامي
وفي الحديثِ: بيانُ مُعجِزةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ برُؤيتِه مِن خَلفِه كما يرَى مِن أمامِه