حديث: السائب بن خلاد أبو سهلة 3
مسند احمد
حدثنا وكيع، قال: حدثنا أسامة بن زيد، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن خلاد بن السائب، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من زرع زرعا فأكل منه [ص:93] الطير أو العافية كان له به صدقة»
حثَّ الإسْلامُ على أعْمالِ البرِّ والخَيرِ بكلِّ أنْواعِها، وجعَلَ على ذلك ثوابًا وأجرًا، وإنَّ مِن أَعْمالِ البِرِّ الَّتي حَضَّ علَيها الإسْلامُ بَذلَ ما فيه خيرٌ ونفعٌ على الإنْسانِ والحَيوانِ
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ دخَلَ «حائِطًا»، أي: بُستانًا مِنَ النَّخلِ، وكان في هذا الحائطِ أُمُّ مَعْبدٍ؛ قيلَ: هيَ امْرأةُ زَيدِ بنِ حارِثةَ، فَسَألَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عمَّنْ غرَسَ النَّخلَ الَّذي في البُستانِ، أمُسلِمٌ أم كافِرٌ؟ فأخْبرَتْه أنَّ الزَّارعَ له مُسلِمٌ، فقَالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «فَلا يَغرِسُ المسلِمُ غَرْسًا»، أي: لا يَزرَعُ زَرعًا، «فيأكُلُ منه إنْسانٌ، ولا دابَّةٌ، ولا طَيرٌ» فإطْلاقُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يشمَلُ كلَّ ذاتِ رُوحٍ مِن دَوابِّ البَحرِ والبَرِّ، «إلَّا كان له صدَقةً إلى يومِ القِيامةِ» بسَببِ هذا الأكْلِ ممَّا غَرسَتْ يَداه ما بَقيَ ذلك الزَّرعُ والغِراسُ مُنتَفَعًا به، وإنْ بَقيَ إلى يومِ القِيامةِ، وإنَّما خَصَّ المسلِمَ بالذِّكْرِ؛ لأنَّه يَنْوي عندَ الغَرْسِ -غالبًا- أنْ يَتقوَّى المسلِمونَ بثَمَرِ ذلك الغَرْسِ على عِبادةِ اللهِ تعالَى، ولأنَّ المُسلِمَ هو الَّذي يَحصُلُ له ثَوابٌ، وأمَّا الكافرُ فلا يَحصُلُ له بما يَفعَلُه مِنَ الخَيراتِ ثَوابٌ، وغايتُهُ أنْ يُخفَّفَ العَذابُ عنه، وقدْ يُطعَمُ في الدُّنيا، ويُعطَى بذلك
وفي الحَديثِ: اختِصاصُ الثَّوابِ على الأعْمالِ في الآخِرةِ بالمُسلِمينَ دُونَ الكُفَّارِ
وفيه: بيانُ فَضيلةِ الغَرْسِ والزَّرْعِ؛ لأثَرِها في تَعْميرِ الأرْضِ ونفْعِ كُلِّ الكائناتِ
وفيه: الحَضُّ على عِمارةِ الأرْضِ ليَعيشَ الإنسانُ بنفْسِه، أو مَن يَأْتي بعدَه ممَّن يُؤجَرُ فيه