حديث: السائب بن خلاد أبو سهلة 4
مسند احمد
حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد يعني ابن سلمة، عن يحيى بن سعيد، عن مسلم بن أبي مريم، عن عطاء بن يسار، عن السائب بن خلاد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أخاف أهل المدينة أخافه الله عز وجل وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا»
للأنصارِ رَضيَ اللهُ عنهم مَكانةٌ عَظيمةٌ لكَونِهم ناصَروا النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم واستَقبَلوه في ديارِهم، وآثَروا إخوانَهمُ المُهاجِرينَ في كُلِّ شَيءٍ؛
ولهذا جَعَلَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم حُبَّ الأنصارِ مِنَ الإيمانِ، وبُغضَهم مِنَ النِّفاقِ، بَل إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دَعا على مَن قَصَدَ أهلَ المَدينةِ بإيذاءٍ أو سوءٍ أو أخافَهم، فقال: لا يُريدُ أحَدٌ أهلَ المَدينةِ -وهم مَن كان بها في زَمَنِه أو بَعدَه، وهم على سُنَّتِه- بسوءٍ إلَّا أذابَه اللَّهُ -أي: أهلَكه بالكُلِّيَّةِ إهلاكًا مُستَأصِلًا، بحَيثُ لَم يَبقَ مِن حَقيقَتِه شَيءٌ، لا دفعةً بَل بالتَّدريجِ؛ لكَونِه أشَدَّ إيلامًا وأقوى تَعذيبًا وأقطَعَ عُقوبةً- في النَّارِ ذَوبَ الرَّصاصِ، وهو عُنصُرُ فِلزٍّ لَيِّنٍ، أو ذَوبَ المِلحِ في الماءِ. والمَعنى: أنَّ مَن قَصدَ وأرادَ أهلَ المَدينةِ ومَن فيها بسوءٍ أو قِتالٍ أو أخَذَ أموالَهم ونَحوَ ذلك، فإنَّ اللَّهَ تعالى يُذيبُه في النَّارِ كما يَذوبُ المِلحُ في الماءِ، أو كما يَنصَهرُ الرَّصاصُ في النَّارِ. ويَكونُ ذلك لمَن أرادَها في الدُّنيا فلا يُمهِلُه اللهُ ولا يُمكِّنُ له سُلطانًا، بَل يُذهِبُه عن قُربٍ، كما انقَضى شَأنُ مَن حارَبَها أيَّامَ بَني أُمَيَّةَ، ومَن أخاف أهلَ المَدينةِ أخافَه اللَّهُ، وعليه لَعنةُ اللهِ والمَلائِكةِ والنَّاسِ أجمَعينَ. واللَّعنُ هو الطَّردُ مِن رَحمةِ اللهِ. لا يَقبَلُ اللهُ مِنه صَرفًا ولا عَدلًا. والصَّرفُ: التَّوبةُ. وقيلَ: النَّافِلةُ. والعَدلُ: الفِديةُ. وقيلَ: الفريضةُ
وفي الحَديثِ الوعيدُ الشَّديدُ لمَن آذى أهلَ المَدينةِ
وفيه فضلُ المَدينةِ
وفيه فضلُ الأنصارِ