مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 544
- حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا الثوري، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن امرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم، استحمت من جنابة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، يتوضأ من فضلها، فقالت: إني اغتسلت منه فقال: " إن الماء لا ينجسه شيء " (1)
تَميَّزَتْ شريعةُ الإسلامِ باليُسْرِ والسَّمَاحَةِ؛ ومن ذلك عدم التَّكليف بعناءِ البحثِ عن طهَارةِ الأشياءِ، بل تَبقَى كما هي طاهرةً ما لم يَتَيَقَّنْ المسلِمُ مِن أثَرِ النَّجَاسةِ
وفي هذا الحديثِ أنَّه قيل لرَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: أَنتوضَّأُ مِن بئْرِ بُضَاعَةَ وهي بِئْرٌ بالمدينةِ يُطْرَحُ فيها الحِيَضُ، أي: الخِرْقَةُ الَّتي تَستعمِلُها المرأةُ في دمِ الحَيْضِ، ولحمُ الكِلابِ، والنَّتَنُ، أي: الأشياءُ ذاتُ الرَّائحَةِ الكَريهةِ كالجِيَفِ والعَذِرةِ
والمرادُ: أنَّ النَّاسَ يرمُونَ هذِه النَّجَاساتِ في الصَّحَارِي وأفنيةِ مَنازلِهم، فتأتِي السُّيولُ وتَجُرُّ هذِه الأشياءَ النَّجِسَةَ مِن الطُّرِقِ والأفْنِيَةِ فتُلْقِيها في البِئْرِ؛ لأنَّها كانتْ بمَسيلٍ مِن بَعضِ الأوديةِ التي يَنزِلُ بها أهلُ الباديةِ، وليس المرادُ أنَّ النَّاسَ كانوا يَرْمُون الأقْذَارَ في البِئْرِ عمْدًا؛ فالمعرُوفُ عَن العرَبِ في الجاهليَّةِ والإسلامِ حِفْظُ المياهِ وصَوْنُها عن النَّجَاسات
فأجابَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن هذا السُّؤالِ قائِلًا: «الماءُ طَهُورٌ لا يُنَجِّسُه شَيْءٌ»، أي: إنَّ اللهَ تعالى خلَق الماءَ طَهُورًا لا يُنجِّسُه شَيءٌ، ما لم يَتغيَّرْ لَونُه أو طَعْمُه أو رِيحُه، وقد كان بئرُ بُضَاعَةَ كَثِيرَ الماءِ لا يَتأثَّرُ بما يُلْقَى فيه
وفي الحديثِ: بيانُ أنَّ الأصْلَ فِي الماءِ الطَّهارَةُ. .