حدثنا أبو عامر، حدثنا مالك، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن ابن حنين، عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقرأ قل هو الله أحد، فقال: «وجبت» قالوا: يا رسول الله، ما وجبت؟ قال: «وجبت له الجنة»
القُرآنُ الكريمُ كلامُ اللهِ العَليمِ الخَبيرِ، وفيه هدًى ونورٌ ورحمةٌ، وقد بيَّنَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ لقِراءتِه فضْلًا وأجْرًا عظيمًا
وفي هذا الحديثِ بَيانٌ لبَعضِ فَضائلِ القُرآنِ الكريمِ؛ فعَن شيخٍ أدرَكَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: خرجْتُ معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سفَرٍ، فمَرَّ برَجُلٍ يَقرَأُ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمَّا هذا فقد بَرِئَ منَ الشِّركِ"؛ لأنَّ هذه السُّورةَ تُسلِّمُ صاحِبَها مِنَ الشِّركِ باللهِ؛ ولأنَّها مُفيدةٌ للتَّوحيدِ؛ وذلك لأنَّها اشتمَلَت على نَفيِ عِبادةِ ما يَعبُدُه المُشرِكونَ بأبلَغِ عِبارةٍ، وأوْفى تأْكيدٍ، "قال: وإذا آخَرُ يَقرَأُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بها وجَبَتْ له الجنَّةُ"، فيُدخِلُه اللهُ الجنَّةَ بفَضلِ هذه السُّورةِ؛ لأنَّها تَشتمِلُ على التَّوْحيدِ، وقد جمَعَتِ الأسماءَ والصِّفاتِ. وقيلَ: القرآنُ يَشتمِلُ على الأحْكامِ والقَصصِ، وصِفاتِ اللهِ، وسورةُ الإخْلاصِ خالِصةٌ لصفاتِ اللهِ؛ ففي هاتَينِ السُّورَتَينِ: البَراءةُ مِنَ الكُفرِ وأهلِه، والإقْرارُ بالتَّوْحيدِ الخالِصِ للهِ سُبحانَه، وإثْباتُ صِفاتِ الكَمالِ للهِ، ونَفيُ صِفاتِ النَّقصِ