مسند أبي هريرة رضي الله عنه 905

مسند احمد

مسند أبي هريرة رضي الله عنه 905

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا نودي بالصلاة، أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي التأذين أقبل، حتى إذا ثوب بها أدبر، حتى إذا قضي التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه، فيقول له: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر من قبل، حتى يظل الرجل إن يدري كيف صلى "

 ما زال إبليسُ منذُ أنْ طردَه اللهُ مِن رَحمتِه يُحاولُ غَوايةَ الإنسانِ، ولكنَّه إذا سمِعَ الأذانَ والإقامةَ، فإنَّه 

كما في هذا الحديثِ- يُدْبِرُ ويَهرُبُ وله ضُراطٌ؛ حتَّى لا يَسمعَ التَّأذينَ، لشِدَّةِ خَوفِه عندَ إدْبارِه، فإذا انقضَى الأذانُ رجَع الشَّيطانُ إلى الإنسانِ لِيُوَسْوِسَ إليه ويُلْهيَهُ عن أعمالِ الطَّاعةِ، ثُمَّ إذا ثُوِّبِ لِلصَّلاةِ، أي: أُقيمَ لها هرَبَ مرَّةً أخرى، وإنَّما يَهرُبُ لِما يَسمَعُه مِن شَهادةِ التَّوحيدِ وإقامةِ الشَّريعةِ كما يَفعلُ يَومَ عَرفةَ؛ ولِمَا يَرى مِن اتِّفاقِ الكلِّ على شَهادةِ التَّوحيدِ للهِ تعالَى، وتَنزُّلِ الرَّحمةِ عليهم، ويَأْسِه مِن أنْ يَرُدَّهم عمَّا أعلَنوا به مِن ذلك، ويُوقِنُ بالخَيبةِ بما تفضَّلَ اللهُ عليهم مِن ثَوابِ ذلك؛ ولذلك فإنَّه يعودُ بعْدَ الأذانِ والإقامةِ؛ لِيُوَسْوِسَ للإنسانِ وهو في صَلاتِه؛ فيقولَ له: «اذكُرْ كذا اذكُرْ كذا» يريدُ أنَّه يُذَكِّرُه مِن أمورِ الدُّنيا خاصَّةً الأمورَ التي لم تكُنْ تَشغَلُه وهو خارجَ صلاتِه، فيظَلُّ الشَّيطانُ بالمصَلِّي حتَّى يَلْبِسَ عليه صَلاتَه فلا يَدري المصلِّي كَمْ صلَّى، وهو إشارةٌ إلى نِسيانِه عددَ الرَّكَعاتِ وأجزاءً مِن صَلاتِه، فيَزيدُ فيها ويَنقُصُ؛ لانشغالِه بوَسوسةِ الشَّيطانِ

وفي الحديثِ: فضلُ الأذانِ والإقامةِ، وما لهما مِن أثرٍ في هُروبِ الشَّيطانِ وبُعدِه بوَساوِسِه عن المُسلِمِ

وفيه: تَنبيهٌ للمصَلِّي إلى الخُشوعِ في صَلاتِه وصَرفِ نفْسِه عن وَساوِسِ الشَّيطانِ، وأنْ يكونَ مُقْبِلًا بقلبِه على الله عزَّ وجلَّ