مسند أبي هريرة رضي الله عنه 950
مسند احمد
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعا أقرع» قال: " يفر منه صاحبه ويطلبه ويقول: أنا كنزك " قال: «والله لن يزال يطلبه حتى يبسط يده فيلقمها فاه»
الزَّكاةُ هي الرُّكنُ الثَّالثُ مِن أرْكانِ الإسلامِ الخمْسةِ بعْدَ الشَّهادتينِ وإقامِ الصَّلاةِ، وهي جُزءٌ مُقدَّرٌ مِنَ المالِ، فرَضَها اللهُ عزَّ وجَلَّ حقًّا للفُقَراءِ وسائرِ المُستحِقِّينَ في مالِ الأَغْنياءِ، ووعَدَ اللهُ مَن يُؤدِّيها بالخَيرِ والبَرَكةِ في الدُّنْيا والآخِرةِ، وتَوعَّدَ مانِعَها بالخِزْيِ والعذابِ في الدُّنْيا والآخِرةِ
وفي هذا الحَديثِ يُحذِّرُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ العُقوبةِ الَّتي أعَدَّها اللهُ عزَّ وجَلَّ لمانعِ الزَّكاةِ؛ فبيَّنَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ صاحبَ المالِ يَجِبُ عليه أداءُ الزَّكاةِ؛ أيًّا كان نَوعُ هذا المالِ، وفي الصَّحيحينِ مِن حَديثِ أبي هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنه: «مَن آتاهُ اللهُ مالًا، فلمْ يُؤدِّ زَكاتَه»؛ فأرْشَدتِ الرِّوايةُ أنَّ التَّحذيرَ والوَعيدَ واقعٌ على مَن لا يُخرِجُ حَقَّ اللهِ عزَّ وجَلَّ مِن هذا المالِ، لا على مَن ماتَ وله تَرِكةٌ ومالٌ، والمرادُ بحَقِّ اللهِ: الزَّكاةُ بعْدَ بُلوغِ المالِ المِقدارَ الشَّرعيَّ الَّذي يَستوجِبُ هذا الحقَّ، ومُرورِ عامٍ هِجريٍّ. ثُمَّ أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بنَوعِ العذابِ الَّذي سيَقَعُ على صاحبِ هذا الإثْمِ؛ وهو أنَّ اللهُ عزَّ وجَلَّ سيُعذِّبُه يَومَ القيامةِ، ويُصَوِّرُ له مالَه الَّذي بَخِلَ به، ولَم يُؤدِّ زَكاتَه بِصُورةِ ثُعْبانٍ أقْرَعَ، بلا شَعَرٍ في رأْسِه؛ إشارةً إلى شِدَّةِ سُمِّيَّتِه، وهو مِن أخطَرِ الثَّعابينِ؛ لأنَّه كُلَّما كثُرَ سُمُّ الثُّعبانِ ابيَضَّ رأْسُه، له نُقْطتانِ سَوْداوانِ فَوقَ عَينَيه، وهو مِن أخبَثِ الحَيَّاتِ، فيَسْأَلُ مانعُ الزَّكاةِ الثُّعْبانَ عن شأْنِه وسبَبِ عذابِه، فيَقولُ له الثُّعْبانُ: «أنا كَنْزُكَ الَّذي خلَّفتَ بعْدَك»؛ أي: أنَّ اللهُ عزَّ وجَلَّ قدْ صوَّرَ عليه كَنْزَه ومالَه في تلكَ الصُّورةِ، فلا يَزالُ الثُّعبانُ يَتبَعُ صاحبَه، فكلَّما قدَّمَ الرَّجُلُ يَدَه؛ لِيَحتمِيَ منه، قضَمَها الثُّعْبانُ بفَمِه، ثُمَّ يَتبَعُ بالقَضْمِ سائرَ جسَدِه؛ تَنكيلًا له وتَعذيبًا على منْعِه الزَّكاةَ
وفي الحَديثِ: ما يدُلُّ على قلْبِ الأَعْيانِ، وذلكَ في قُدرةِ اللهِ تَعالَى هيِّنٌ، لا يُنكَرُ
وفيه: أنَّ العبدَ إذا لمْ يَشكُرِ النِّعمةَ ويُؤدِّ حقَّ اللهِ فيها، تكونُ نِقْمةً ووَبالًا عليه يَومَ القيامةِ، وتَتمثَّلُ لهُ في أبشَعِ الصُّوَرِ الَّتي تُؤلِمُهُ وتُؤْذِيه