مسند أبي هريرة رضي الله عنه 952
مسند احمد
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس المسكين هذا الطواف الذي يطوف على الناس، ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة [ص:514] والتمرتان، إنما المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ويستحي أن يسأل الناس، ولا يفطن له، فيتصدق عليه»
مَدحَ اللهُ تعالَى الْمُتعفِّفِينَ عَن سُؤالِ النَّاسِ على الرَّغمِ مِن حاجتِهم، فقالَ تعالَى: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} [البقرة: 273]، وكرِهَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِأمَّتِه كَثرةَ السُّؤالِ
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ المسكينَ الكامِلَ المَسكنةِ ليس مَن يَتردَّدُ على الأبوابِ، ويَمُرُّ على الناسِ يَسأَلُهم الصَّدقةَ، ويَرُدُّه ويَكفِيه ما يَنالُه مِن اللُّقمةِ أو اللُّقمتَينِ، أو التَّمرةِ أو التَّمرتَينِ؛ وذلك لأنَّه قادِرٌ على تَحصيلِ قُوتِه، كما ذكَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ في شَأنِ أصحابِ السَّفينةِ: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} [الكهف: 79]، فسَمَّاهم اللهُ مَساكينَ مع امتِلاكِهِم للسَّفينةِ. والنَّفيُ في قولِه: «ليس المسكينُ» لا يَعْني نفْيَ أصْلِ المَسكنةِ عن الطَّوافِ، وإنَّما مَعناه نفْيُ كَمالِها، وإنَّما المسكينُ الكاملُ المَسكنةِ هو: المحتاجُ الَّذي لا يَجِدُ ما يُغنيهِ ولا يُظهِرُ ذلك ولا يَسأَلُ النَّاسَ، فلا يَعرِفُ النَّاسُ حاجتَه، فلا يَتصدَّقونَ عليه؛ لِظنِّهم غِناه؛ لِتعفُّفِه عَنِ السُّؤالِ، كما قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273]
وفي الحديثِ: الاستِعفافُ عن المسألةِ
وفيه: حُسنُ الإرشادِ لموضِعِ الصَّدقةِ، وتَحرِّي وَضْعِ الصَّدقةِ في المحتاجِ المُتعفِّفِ عن المسألةِ