حدثنا روح، وعبد الوهاب، قالا: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) قال: " لو أهدي إلي كراع لقبلت، ولو دعيت - قال عبد الوهاب: إليه، وقال روح: عليه - لأجبت "
كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَقبَلُ الدَّعْوةَ والهَدِيَّةَ، سَواءٌ كانت عَظيمةً أو قَليلةً، وذلك مِن حُسنِ خُلقِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وطِيبِ عِشرتِه.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -مُوجِّهًا أُمَّتَه-: «لو دُعِيتُ إلى ذِراعٍ»، أي: ذِراعِ شاةٍ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ أكْلَه؛ لأنَّه مَبادي الشَّاةِ وأبعَدُ عن الأذَى، «أو كُراعٍ»، وهو قَوائمُ الحيوانِ وأطْرافُه ممَّا دونَ الرُّكبةِ.
لَقَبِلْتُ وأَجَبْتُ الدَّعوَةَ عليها. وكذا «لو أُهدِيَ إلَيَّ ذِراعٌ أو كُراعٌ لقَبِلْتُ»؛ فأشارَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالذِّراعِ والكُراعِ إلى إجابةِ الدَّعوةِ ولو على شَيءٍ قَليلٍ، وقَبولِ الهديَّةِ وإنْ قلَّتْ؛ وذلك لِما فيه مِن التَّواضُّعِ وجبْرِ خاطرِ المُهدِي ومُراعاةِ شُعورِه؛ حتَّى لا يَتألَّمَ نَفسيًّا بالرَّفضِ، فيكون ذلك إيذاءً له.
وفي الحديثِ: الحثُّ والتَّرغيبُ على قَبولِ الهديَّةِ، وإجابةِ الدَّعوةِ، والأكْلِ منها ولو كانتْ على يَسيرٍ.