مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1189
مسند احمد
حدثنا حماد بن خالد، حدثنا مالك، حدثنا زياد بن سعد، عن الزهري، عن أنس قال: " سدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته ما شاء الله أن يسدلها، ثم فرق بعد "
كانت مُخالَفةُ المُشرِكينَ منَ الأُصولِ العامَّةِ؛ حتَّى يَتميَّزوا بأوْصافِ أعْمالِهم وهَيْئاتِهم.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُسدِلُ شَعرَه -والسَّدلُ: إرْسالُ الشَّعرِ حَولَ الرَّأسِ مِن غَيرِ أنْ يُقسَمَ نِصفَينِ-؛ لأنَّ المُشرِكينَ كانوا يَفرُقونَ رُؤوسَهم منَ المُنتَصَفِ لفِرْقَينِ، وكان أهلُ الكِتابِ مِن اليَهودِ والنَّصارى يُسدِلونَ، فوافَقَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أهلَ الكِتابِ، وخالَفَ عبَدةَ الأوْثانِ؛ لأنَّ أهلَ الكِتابِ أقرَبُ إلى الحقِّ مِن المُشرِكينَ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ مُوافَقةَ أهلِ الكِتابِ فيما لم يَرِدْ فيه وَحْيٌ، ومُوافَقتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لهم؛ لأنَّه كان لا بُدَّ مِن مُوافَقةِ أحدِ الفَريقَيْنِ، فاخْتارَ مُوافَقةَ أهلِ الكِتابِ؛ لأنَّهم كانوا على بَقيَّةٍ مِن دِينِ الرُّسُلِ فيما تَبيَّنَ أنَّهم لم يُحرِّفوه ولا بدَّلُوه، ثمَّ بعْدَ ذلك لمَّا لم يَتبَقَّ سِوى أهلِ الكِتابِ ودخَلَ العرَبُ في دِينِ اللهِ أفْواجًا فرَقَ شَعرَه؛ مُخالَفةً لأهلِ الكِتابِ، وأمَرَ بمُخالَفةِ اليَهودِ والنَّصارى.
وفي الحَديثِ: بَيانُ مَشروعيَّةِ فَرْقِ شَعرِ الرَّأسِ.
وفيه: الحِرصُ على تَمايُزِ أهلِ الإسْلامِ عن غَيرِهم من أهلِ الكِتابِ والمُشرِكينَ.