‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه255

مسند احمد

‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه255

حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حميد، وعبد الله بن بكر، أخبرنا حميد، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبقيع فنادى رجل رجلا يا أبا القاسم، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الرجل: لم أعنك يا رسول الله، إنما عنيت فلانا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي " حدثنا عبد الله بن بكر في حديثه: " تسموا باسمي " (3)

وَفَّقَ اللهُ تعالى الأنصارَ وأَلْهَمَهم إلى كُلِّ ما فيه نُصرةٌ وتَوقيرٌ وحِفْظٌ لِحقِّ نَبِيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومِن ذلك ما جاء في هذا الحديثِ أنَّه وُلِدَ لرَجلٍ من الأنصار غُلامٌ، فسَمَّاه القاسِمَ، رَغبةً في تَكنيتِه بأبي القاسمِ، فقالتْ له الأنصارُ: «لا نَكْنِيكَ أبا القاسِمِ»؛ لأنَّها كُنيةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولا نُقِرُّ عَينَك بذلك، ولا نَدَعُك تُسَرُّ وتَفرَحُ بأنْ تُكَنَّى بكُنْيَةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فذَهَبَ الرَّجلُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأخبَرَه ما حدَثَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أَحسنَتِ الأنصارُ»، يَعني: في تَعزيزِ نَبيِّها، وتَوقيرِه مِن أنْ يُشارِكَه في كُنْيتِه أحدٌ، ثمَّ أرْشَدَهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقولِه: «سَمُّوا باسْمِي ولا تُكَنَّوْا بكُنْيَتِي»، فسَمُّوا أبناءَكُم باسمِ مُحمَّدٍ، ولكنْ لا تَكتَنُوا بكُنْيتي، وهي أبو القاسمِ، ثمَّ أوضَحَ السَّببَ والعِلَّةَ في تَكَنِّيه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بذلك فقال: «فإنَّما أنا قاسِمٌ»، أي: أُعطِيَ كُلَّ واحدٍ ما يَليقُ به، وفي حَديثِ أبي هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه عندَ البُخاريِّ: «وأَضَعُ حيثُ أُمِرتُ»، فلا أُعطي أحدًا ولا أمنعُ أحدًا، إلَّا بإذنٍ مِن اللهِ، فمَنْ أَعطيتُهُ قليلًا فهذا بقَدَرِ اللهِ، ومَن أعْطيتُهُ كثيرًا فهذا أيضًا بقدَرِ اللهِ.
فنهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَجمَعَ أحدٌ بيْن اسمِه وكُنيتِه، فيُسمَّى محمَّدًا أبا القاسمِ، قِيل: يُحمَلُ النَّهيُ على التَّكنِّي بكُنيتِه، سَواءٌ اسمُه محمَّدٌ أو لا..

 وقيل: يَختَصُّ هذا النَّهيُ بزَمانِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ التَّسميةِ بأسماءِ الأنبياءِ.
وفيه: تَنزيهُ الأنبياءِ وأسمائهِم عمَّا فيه سُوءٌ.