مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه501
مسند احمد
حدثنا يونس بن محمد، حدثنا حماد بن زيد، عن هشام، عن محمد، عن أنس، قال حماد، والجعد قد ذكره، قال: عمدت أم سليم إلى نصف مد شعير، فطحنته، ثم عمدت إلى عكة كان فيها شيء من سمن، فاتخذت منه خطيفة، قال: ثم أرسلتني إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قال: فأتيته وهو في أصحابه، فقلت: إن أم سليم أرسلتني إليك تدعوك. فقال: " أنا ومن معي؟ "، قال: فجاء هو ومن معه. قال: فدخلت، فقلت لأبي طلحة: قد جاء النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه، فخرج أبو طلحة، فمشى إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: يا رسول الله: إنما هي خطيفة اتخذتها أم سليم من نصف مد شعير. قال: فدخل فأتي به، قال: فوضع يده فيها، ثم قال: " أدخل عشرة "، قال: فدخل عشرة، فأكلوا حتى شبعوا، ثم دخل عشرة فأكلوا (1) ، ثم عشرة فأكلوا (1) ، ثم عشرة فأكلوا (1) ، حتى أكل منها أربعون كلهم أكلوا حتى شبعوا، قال: وبقيت كما هي، قال: فأكلنا (2)
* قَوْلُهُ : " إِلَى عُكَّةٍ " : - بِضَمِّ مُهْمَلَةٍ وَتَشْدِيدِ كَافٍ - : إِنَاءٌ صَغِيرٌ يُوضَعُ فِيهِ السَّمْنُ أَوِ الْعَسَلُ.
* " خَطِيفَةً " : قِيلَ: هِيَ - بِفَتْحِ مُعْجَمَةٍ وَكَسْرِ مُهْمَلَةٍ - : شَيْءٌ يُتَّخَذُ مِنَ الدَّقِيقِ وَاللَّبَنِ; أَيْ: أَوْ نَحْوُهُ، يُخْتَطَفُ بِالْمَلَاعِقِ بِسُرْعَةٍ.
* " إِنَّمَا هِيَ خَطِيفَةٌ " : قِيلَ: هَذَا بَيَانٌ لِقِلَّتِهِ وَحَقَارَتِهِ، وَاعْتِذَارٌ لِنَفْسِهِ.
* " أَدْخِلْ عَشَرَةً " : مِنَ الْإِدْخَالِ، قِيلَ: إِنَّمَا أَذِنَ لِعَشَرَةٍ عَشَرَةٍ; لِيَكُونَ بِهِمْ أَرْفُقُ; فَإِنَّ الْإِنَاءَ كَانَ صَغِيرًا لَا يَصْلُحُ لِأَكْلِ أَكْثَرَ مِنْهُ بِلَا تَعَبٍ، أَوْ لِأَنَّ الْجَمْعَ الْكَثِيرَ إِذَا نَظَرُوا إِلَى الطَّعَامِ الْقَلِيلِ يَزْدَادُ حِرْصُهُمْ وَشَرَهُهُمْ عَلَى الْأَكْلِ; ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُ لَا يُشْبِعُهُمْ، وَذَلِكَ مُمَحَّقٌ لِلْبَرَكَةِ، أَوْ لِضِيقِ الْبَيْتِ.
* " أَرْبَعُونَ " : قِيلَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا غَيْرُ الْوَاقِعَةِ الْمَشْهُورَةِ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " ، وَغَيْرِهِمَا; لِأَنَّ الثَّابِتَ فِيهِ أَكْلُ ثَمَانِينَ، أَوْ بِضْعَةٍ وَثَمَانِينَ. قُلْتُ: بَلْ سَوْقُ هَذِهِ الْقِصَّةِ غَالِبُهَا مُغَايِرٌ لِسَوْقِ تِلْكَ الْمَشْهُورَةِ، فَإِنَّ الطَّعَامَ هَاهُنَا الْخَطِيفَةُ، وَهُنَاكَ الْفَتَّةُ، وَالْمَذْكُورُ هَاهُنَا أَنَّ أَنَسًا جَاءَ لِلدَّعْوَةِ، وَهُنَاكَ جَاءَ
بِالْخُبْزِ، وَبِالْجُمْلَةِ: فَالتَّغَايُرُ بَيْنَ السَّوْقَيْنِ مِنْ وُجُوهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
.