‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه769

مسند احمد

‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه769

حدثنا مؤمل، حدثنا حماد، حدثنا ثابت، عن أنس، أن غلاما يهوديا كان يضع للنبي صلى الله عليه وسلم وضوءه ويناوله نعليه، فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فدخل عليه، وأبوه قاعد عند رأسه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " يا فلان، قل لا إله إلا الله "، فنظر إلى أبيه فسكت أبوه (1) . فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى أبيه، فقال أبوه: أطع أبا القاسم، فقال الغلام: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: " الحمد لله الذي أخرجه بي من النار " (2)

لقدْ ضرَب النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أروعَ الأمثلةِ في الرَّحمةِ بخدَمِه، وإنْ كانوا مِن أهلِ الكِتابِ، والحِرصِ على هِدايتِهم إلى الإسلامِ.
وفي هذا الحَديثِ يَروي أنَسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ غلامًا يهوديًّا -ويُطلَقُ الغلامُ على الصبيِّ مِن وقتِ ولادتِه إلى أن يَشِبَّ أو يُقارِبَ سِنَّ البُلوغِ- كان يخدُمُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فمرِض هذا الغلامُ، فأتاه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعُودُه ويزُورُه، فقعَد عندَ رأسِه، وطلَب منه أن يُسلِمَ، فنظَر الغلامُ إلى أبيه وهو عندَه، وكأنَّه تَردَّد في الأمرِ، أو أنَّه كان مُريدًا للإسلامِ وإنَّما كان يَخافُ مِن أبيه؛ فلذلك الْتَفَتَ إليه، فأجابه أبوه أنْ أَطِعْ أبا القاسِمِ، وتلك كُنْيةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأسلَمَ الغلامُ، والإسلامُ يَقتضي النُّطقَ بالشَّهادتَينِ، وهو قولُ: «أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمَّدًا رسولُ الله» كما جاء في رِوايةِ النَّسائيِّ في الكُبرَى، فخرَج النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن عندِه وهو يقولُ: الحمدُ للهِ الَّذي أنقَذَه، فخلَّصه ونجَّاه بي مِن النَّار.
وفي الحَديثِ: استِخدامُ الكافرِ لخِدمةِ المسلِمِ في الأعمالِ التي تُناسِبُه، بشَرطِ أن يأمَنَ مَكْرَهم وخِداعَهم.
وفيه: عِيادةُ المريضِ ولو كان كافرًا، عسى أنْ يكونَ ذلك سببًا في إسلامِه.
وفيه: حُسْنُ العهدِ.
وفيه: عَرْضُ الإسلامِ على الصَّبيِّ.