مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه780
مسند احمد
حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، وحدثني حجاج، قال: حدثني شعبة قال: (3) سمعت قتادة يحدث، عن أنس بن مالك، " أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب الخمر، فجلده بجريدتين نحو الأربعين "، قال: وفعله أبو بكر. فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن بن عوف: أخف الحدود ثمانون، قال: " فأمر به عمر "
وفي هذا الحَديثِ ان النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- برجُلٍ قدْ شَرِب خمْرًا ، والخَمرُ: كُلُّ ما كان سببًا في الإسكارِ وتَغييبِ العَقْلِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للصَّحابةِ رَضِيَ الله عنهم: «اضْرِبُوه»، ولم يُحدِّدْ لهم عدَدًا ولا صِفَةً للضَّربِ: «فمِنَّا الضَّارِبُ بيَدِه، والضَّاربُ بنَعْلِه» وهو ما يُلبَسُ في القَدَمِ، «والضَّاربُ بثَوْبِه» أي: بَعْدَ فتْلِه؛ للإيلامِ. فلمَّا انصرَف الرَّجُلُ بعد الانتهاءِ مِن ضَرْبِه، قال بعضُ القومِ -قيل: هو عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ-: «أَخْزَاكَ اللهُ!» أي: أذَلَّكَ اللهُ وأهانَكَ، فنهاهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك؛ لأنَّه قدْ يكونَ هذا سببًا في غَلَبَةِ الشَّيطانِ عليه؛ لذا قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لا تُعِينوا عليه الشَّيطانَ»، وفي روايةٍ عند البُخاريِّ: «لا تَكونوا عَوْنَ الشَّيطانِ على أخيكم»؛ لأنَّ الشَّيطانَ يريدُ بتزيينِه له المعصيةَ أن يحصُلَ له الخِزْيُ، فإذا دَعَوا عليه بالخَزْيِ فكأنَّهم قد حَصَّلوا مقصودَ الشَّيطانِ، أو لأنَّه إذا سمع منكم ذلك انهمك في المعاصي، وحمله العِنادُ والغَضَبُ على الإصرارِ، فيصيرُ دعاؤُكم معونةً في إغوائِه وتسويلِه.
وفيه: رعايةُ الشَّرعِ لأحوالِ المُذنِبِ بعد إقامةِ العُقوبةِ عليه، بعدَمِ تعييرِه بها.