مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 946
حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان، عن الأعمش، عن زياد بن حصين، عن أبي العالية، عن ابن عباس، قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بنفر يرمون فقال: " رميا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميا " (2)
قال الله تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم} [الأنفال: 60]، فأمر الله تعالى أن يستعد المسلمون لمواجهة أعداء الله وأعدائهم بكل قوة متاحة لديهم، ولما كان الرمي من أهم أسباب القوة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث عليه، ويشجع المسلمين على تعلمه وإتقانه
وفي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على نفر -والنفر: من الثلاثة إلى العشرة من الرجال- من قبيلة أسلم ينتضلون، أي: يتسابقون في الرمي بالسهام والنبل، قال لهم: «ارموا بني إسماعيل؛ فإن أباكم كان راميا»، يعني: ارموا يا أبناء إسماعيل عليه السلام؛ وذلك لأن إسماعيل هو أبو العرب، وكان راميا متقنا للرمي عليه السلام، «وأنا مع بني فلان» أحد الفريقين المتسابقين، وفي رواية عند ابن حبان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: «وارموا وأنا مع ابن الأدرع» واسمه محجن بن الأدرع، وقيل: اسمه ذكوان، و«ابن الأدرع» لقبه
فلما رأوا ذلك أمسك الفريق الآخر ولم يرم، فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب إمساكهم وتوقفهم، قالوا: كيف نرمي وأنت معهم؟! وهذا من تأدبهم رضي الله عنهم؛ لأنهم خافوا أن يكملوا فيسبقوا، فيكون صلى الله عليه وسلم من الفريق الخاسر، أو أنهم قالوا: كيف نسابق فريقا أنت معه تؤيده؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ارموا؛ فأنا معكم كلكم»، يعني: أؤيدكم جميعا، وهذا حث من رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم لأن يستمروا في تعلم الرمي والتباري فيه، وكونه صلى الله عليه وسلم معهم فيه توجيه لهم إلى تصحيح القصد وإصلاح النية
وفي الحديث: ما كان عليه المسلمون من توقير النبي صلى الله عليه وسلم واحترامه