مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه867
مسند احمد
حدثنا وكيع، عن سفيان، عمن سمع أنسا يقول: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسعد وهو يدعو بأصبعين، فقال: " أحد يا سعد "
الدُّعاءُ سِلاحُ المُؤمِنِ، يَلجَأُ فيه العَبدُ إلى اللهِ تعالى في كُلِّ وقتٍ وحينٍ، وقد أمَرَ اللهُ تعالى بدُعائِه ووعَدَ باستِجابةِ الدُّعاءِ، فقال: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، وللدُّعاءِ أحكامٌ وآدابٌ جاءَت عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعَلَّمَها لأصحابِه، يَقولُ سَعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه: مَرَّ عليَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنا أدعو بإصبَعي، أي: أُحَرِّكُ أُصبُعَينِ في أثناءِ الدُّعاءِ، وجاءَ أنَّ ذلك كان في الصَّلاةِ بَعدَ التَّشَهُّدِ.
فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أَحِّدْ أَحِّدْ.
كَرَّرَ للتَّأكيدِ في التَّوحيدِ، أي: اقتَصِرْ على أُصبُعٍ واحِدةٍ وأشِرْ بها؛ لأنَّ المَدعوَّ والمُشارَ إليه واحِدٌ؛ وذلك للدَّلالةِ على تَوحيدِ اللهِ تَعالى.
وأشارَ بالسَّبَّابةِ، أي: لتكُنْ إشارَتُك بأُصبُعِ السَّبَّابةِ مِنَ اليَدِ اليَمنى، وهيَ التي تَلي الإبهامَ، وسُمِّيَت سَبَّابةً؛ لأنَّها كانت يُشارُ بها عِندَ السَّبِّ والشَّتمِ. فعَلَّمه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم التَّوحيدَ بالقَولِ، وعَيَّنَ له الأُصبُعَ بالإشارةِ.
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ الدُّعاءِ برَفعِ الأُصبُعِ السَّبَّابةِ وَحدَها.
وفيه تَعليمُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأصحابِه آدابَ الدُّعاءِ.
وفيه مَشروعيَّةُ تَعليمِ مَن يَتَقَرَّبُ إلى اللهِ تَعالى بما ليس بمَشروعٍ وإن لَم يَسألْ.