مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه983
مسند احمد
حدثنا حجاج، وهاشم المعنى، قالا: حدثنا سليمان، عن ثابت، عن أنس، قال: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، حتى إذا رأيت أني قد فرغت من خدمته، (1) قلت: يقيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت إلى صبيان يلعبون قال: فجئت أنظر إلى لعبهم، قال: " فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم على الصبيان وهم يلعبون، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعثني إلى حاجة له، فذهبت فيها، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، في فيء حتى أتيته "، واحتبست على أمي عن الإبان (2) الذي كنت آتيها فيه، فلما أتيتها، قالت: ما حبسك؟ قلت: بعثني رسول الله في حاجة له، قالت: وما هي؟ قلت: هو سر لرسول الله قالت: فاحفظ على رسول الله سره، قال ثابت: قال لي أنس: " لو حدثت به أحدا من الناس أو (3) كنت محدثا به لحدثتك به يا ثابت "
علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أسْبابَ التَّآلُفِ واستِجْلابِ المَودَّةِ فيمَا بيْننا، كما حذَّرَنا ممَّا يُورِثُ التَّنافُرَ والتَّشاحُنَ، ومِن أسبابِ المَحبَّةِ والتَّآلُفِ بيْن المسلمينَ إفشاءُ السَّلامِ بيْنهم، وهي التَّحيةُ التي شَرَعها اللهُ تعالَى لعِبادِه، وكان الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم يَقتَدون بالسُّنَّةِ النبَوِيَّةِ في ذلك؛ فيُفشُونَ السَّلامَ، ومن ذلك ما أخبر به التابعيُّ ثابِتٌ البُنانيُّ أنَّ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ رضِيَ اللهُ عنه كان يُسلِّمُ على الصِّبيانِ الصِّغارِ إذا مرَّ بهم في طَريقِه، ويخبر أنَّه يفعَلُ ذلك اقتِداءً بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهذا مِن تَواضُعِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وحُسنِ تَرْبِيَتِه وتَعليمِه لِأُمَّتِه، وخاصَّةً النَّشْءَ، فسلامُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الصِّبيانِ مِن خُلُقِه العظيمِ، وأدَبِه الشَّريفِ، وفيه تدريبٌ لهم على تعليمِ السُّنَنِ، ورياضةٌ لهم على آدابِ الشَّريعةِ لِيَبلُغوا حَدَّ التكليفِ وهم متأدِّبون بأدَبِ الإسلامِ.
وفي الحَديثِ: السَّلامُ على النَّاسِ كُلِّهم حتى الصِّبيانِ المُمَيِّزين.
وفيه: بيانُ تواضُعِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.