مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 22
مسند احمد
حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا عقيل بن معقل، سمعت وهب بن منبه، يحدث عن جابر بن عبد الله، قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن النشرة، فقال: «من عمل الشيطان» [ص:41] حدثنا عبد الله، قال أبي: عقيل بن معقل هو أبو إبراهيم بن عقيل، قال: ذهبت إلى إبراهيم بن عقيل، وكان عسرا لا يوصل إليه، فأقمت على بابه باليمن يوما أو يومين، حتى وصلت إليه فحدثني بحديثين، وكان عنده أحاديث وهب، عن جابر، فلم أقدر أن أسمعها من عسره، ولم يحدثنا بها إسماعيل بن عبد الكريم لأنه كان حيا، أفلم أسمعها من أحد "
لقد حثَّ الإسلامُ على التَّداوِي مِن الأمراض، ولكنه نهى عن التداوي بشَيءٍ محرَّم، كما حثَّنا على الابتِعادِ عن أمورِ الجَاهِلِيَّة وما فيها مِن شِركِيَّاتٍ
وفي هذا الحَديثِ يقولُ جابِرُ بنُ عبدِ الله رضِيَ اللهُ عنهما: "سُئِل رسولُ الله صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم عن حُكمِ "النُّشْرَةِ"، وهي نَوْعٌ مِن العِلاجِ كان يَتعاطاهَ أهلُ الجاهليَّةِ، وهي حَلُّ السِّحرِ بسِحرٍ مِثلِه، أو سُؤالُ الساحِرِ ليَحُلَّ السِّحرَ، فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "هو مِن عملِ الشَّيطانِ"، أي: هذا الفِعلُ مِن تسويلِه وتزيينِه؛ لأنَّ بِها أَعْمَالًا شِركيَّةً مِنَ السِّحْرِ وغَيْرِه، أو أنَّها تَكُونُ مِنَ الشَّيْطانِ؛ لِما فِيها مِنَ اعتقادِ النَّفعِ والضَّرِ في أشياءَ، ولا ينبغي للمسلمِ الموحِّد أن يقولَها أو يعتقِدَها مع أنَّها لا تُداوِي على جِهةِ الطِّبِّ المعروفِ كذلك
فهذا الحَديثُ مَحمولٌ على النشرةِ التي المخالفةِ للشَّرعِ مِثلَما كان يَفعَلُ أهلُ الجاهليَّة، وأَمَّا النُّشرةُ التي هي حَلُّ السِّحْرِ بالرُّقيَةِ والتعوُّذاتِ الشَّرعيةِ والأدويةِ المُباحةِ، فإنَّها مشروعةٌ ولا شَيءَ فيها، كما ثَبتَ في صَحيحِ مُسلمٍ عن جابرٍ، قال: كان لي خالٌ يَرقِي من العَقربِ، فنَهَى رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الرُّقَى، قال: فأتاه، فقال: يا رسولَ الله، إنَّك نهيتَ عن الرُّقَى وأنا أَرْقِي مِن العقربِ؟ فقال: "مَنِ اسْتَطاعَ أنْ ينفَعَ أخاه فَلْيفعلْ"، وقدْ أمَرَ أيضًا باغتِسالِ العائنِ لِمَن أصابَه بِعيْنِه، وقال: «العَينُ حَقٌّ، ولو كان شيءٌ سابقُ القَدرِ سبقتْه العينُ، وإذا استُغسِلْتُم فاغسِلُوا».
وفي الحَدِيثِ: التَّحذِيرُ مِن الشِّركِ وكلِّ عملٍ يقرِّب منه