مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 241
حدثنا أبو معاوية، ومحمد بن عبيد، قالا: حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خشي منكم أن لا يقوم من آخر الليل، فليوتر من أول الليل، ثم ليرقد، ومن طمع منكم في أن يقوم من آخر الليل، فليوتر من آخر الليل، فإن قراءة آخر الليل محضورة، وذلك أفضل»
صَلاةُ اللَّيلِ هي أفضلُ الصَّلاةِ بعدَ الفريضةِ، وأفضلُ اللَّيلِ آخِرُه، ومِن السُّنَّةِ أن تُختَمَ صلاةُ اللَّيلِ بصلاةِ الوترِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ جَابِرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضِي اللهُ عنهما: قال رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "مَن خافَ مِنكُم أنْ لا يَستَيقِظَ آخِرَ اللَّيلِ"، أي: لقيامِ ليلِه، وخافَ أن يَفوتَه لِغَلَبةِ النَّومِ عليه، "فَلْيُوتِرْ أوَّلَ اللَّيلِ ولْيَرْقُدْ"، أي: فَلْيتعَجَّلْ بصلاتِه ووِترِه قبلَ أن يَنامَ، "ومَن طَمِعَ مِنْكُم أن يُصلِّيَ مِن آخِرِ اللَّيلِ فَلْيَقُمْ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ؛ فإنَّ قِراءةَ آخِرِ اللَّيلِ مَحضورَةٌ، وذَلِك أَفضَلُ"، أي: والأفضلُ آخِرُ اللَّيلِ لِمَن تيَسَّرَ له ذلك؛ فإنَّ صلاةَ آخِرِ اللَّيلِ مَشهودةٌ؛ لأنَّ ذلك وقتُ التَّنزُّلِ الإلهيِّ, ووقتُ إجابةِ الدُّعاءِ؛ ففي الصَّحيحَينِ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّه قال: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حين يَبْقى ثُلثُ اللَّيلِ الآخِرُ، يَقولُ: مَن يَدْعوني فأستَجيبَ له؟ مَن يَسألُني فأُعطِيَه؟ مَن يَستغفِرُني فأغفِرَ له؟ حتَّى يُضيءَ الفجرُ", ثمَّ يَختِمُ صلاتَه بالوِتْرِ؛ فهذا هو الأفضَلُ والسُّنَّةُ، وله أن يُوتِرَ برَكعةٍ واحدةٍ، أو يَسرُدَ ثلاثًا بسَلامٍ واحدٍ أو بسَلامينِ، أو يَسرُدَ خمسًا بسَلامٍ واحدٍ، وقد روَى ابنُ ماجه أيضًا عَنْ مَسروقٍ قالَ: "سَأَلتُ عائِشةَ عَن وِتْرِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، فقالَت: مِن كلِّ اللَّيلِ قد أوتَرَ؛ مِن أوَّلِه وأوسَطِه، وانتَهى وِترُه حينَ مات في السَّحَرِ"