مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 311
مسند احمد
حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بحمار قد وسم في وجهه، يدخن منخراه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من فعل هذا؟ لا يسمن أحد الوجه، لا يضربن أحد الوجه»
أمَر اللهُ عزَّ وجلَّ بالرَّحْمَةِ لجَميعِ المخلوقاتِ، وجعَل الإسلامَ دِينَ الرَّحمَةِ والإحسانِ، ومِن شِدَّةِ عِنايَةِ الإسلامِ بهذا المَبدَأِ العَظيمِ؛ فإنَّه أمَر بالإحْسانِ لكُلِّ شَيءٍ حتى للحَيَوانِ
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "أمَا بَلَغَكم" يُنكِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على أصحابِ حِمارٍ مرَّ عليه، وقد وُسِمَ في وَجْهِه بالكَيِّ، كما في رِوايَةِ أبي داودَ، والمُرادُ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد سَبَقَ ونَهى عن هذا الفِعْلِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هنا: "أمَا بَلَغَكم أَنِّي لَعَنتُ مَن وَسَمَ البَهيمَةَ في وَجْهِها" واللَّعْنُ هو الطَّرْدُ من رَحمَةِ اللهِ، أي: أنِّي دَعَوتُ على مَن وَسَمَ البَهيمَةَ في وَجْهِها بالطَّرْدِ والإبعادِ من رَحمَةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، "أو ضرَبها"، أي: وَدَعَوتُ باللَّعْنِ على مَن ضرَب بَهيمَةً أيضًا "في وَجْهِها"؛ وذلك لأنَّ مَن ضرَبها في وَجْهِها ربَّما شوَّهه، وربَّما آذَى الحواسَّ أو بعضَها؛ فيَحرُمُ فِعلُ ذلك بكُلِّ دابَّةٍ مُحترمَةٍ، وهو في الآدَميِّ أشَدُّ؛ لأنَّ ذلكَ تَغْييرٌ لخَلْقِ اللهِ
ولكن لَمَّا كان في الوَسْمِ مَصلحةٌ بتَمْييزِ الحَيَواناتِ، فقد وَرَدَ عندَ مُسلِمٍ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وَسَمَ الأغْنامَ في أُذُنِها، ووَسَمَ إبِلَ الصَّدَقةِ في مُؤَخِّرَتِها، ووَسَمَ ابنُ عبَّاسٍ في الجَاعِرتَيْنِ، وهما حَرْفَا الوَرِكِ الْمُشرِفانِ ممَّا يلي الدُّبُرَ، وكان ابنُ عبَّاسٍ أوَّلَ مَن كوى الْجَاعِرتَينِ
وفي الحديثِ: النَّهيُ عَن وسْمِ الحَيَواناتِ في الوَجْهِ