مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 336

مسند احمد

مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 336

 حدثنا حجاج، قال ابن جريج: أخبرني أبو الزبير، أنه: سمع جابرا، يسأل: هل بايع النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة؟ قال: «لا، ولكن صلى بها، ولم يبايع عند الشجرة، إلا الشجرة التي بالحديبية» ، وأخبرنا أنه سمع جابرا دعا النبي صلى الله عليه وسلم على بئر الحديبية "

البَيعةُ هي المُعاقَدةُ والمُعاهَدةُ على الالتِزامِ بما يُوجِبُه اللهُ ورَسولُه، وسُمِّيتْ بذلك تَشبيهًا بالمُعاوَضةِ الماليَّةِ، كأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَبيعُ ما عِندَه مِن صاحبِه
وفي هذا الحديثِ يَرْوي التَّابعيُّ أبو الزُّبيرِ محمَّدُ بنُ مُسلمٍ أنَّ جابرَ بنَ عَبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما سُئلَ: هلْ بايَعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بذِي الحُلَيْفةِ؟ وهو مَوْضِعٌ قريبٌ مِن المدينةِ، فقال جابِرٌ رَضيَ اللهُ عنه: «لا». أي: لَمْ يُبايِعِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هُناكَ، ولكِنَّهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صلَّى بذِي الحُلَيْفةِ، وأمَّا البَيْعةُ فإنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يُبايِعْ عندَ شَجرةٍ إلَّا الشَّجرةَ الَّتي بالحُدَيْبِيةِ، وهيَ الَّتي ذُكِرتْ في القُرآنِ الكَريمِ، وبِها سُمِّيتْ بَيعةَ الشَّجرةِ. والحُدَيبيةَ سُمِّيتْ باسمِ بِئرٍ، وفيها وَقَعَ صُلحُ الحُدَيْبيةِ سَنةَ سِتٍّ مِنَ الهِجرةِ بيْنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وكُفَّارِ مَكَّةَ
والسَّببُ في هذه البَيعةِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان قدْ خَرَج بأصحابهِ رَضيَ اللهُ عنهم مِن المدينةِ إلى مكَّةَ يُرِيدون العُمرةَ، فمَنَعَتْهم قُرَيشٌ مِن دُخولِ مكَّةَ، فبَعَثَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عُثمانَ بنَ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه إلى مَكَّةَ بكِتابٍ يُخبِرُ به أشْرافَ قُرَيشٍ بأنَّه لم يَأتِ إلَّا زائرًا لِلبَيتِ ومُعَظِّمًا لِحُرْمَتِه، وتَأخَّرَ عُثمانُ رَضيَ اللهُ عنه في الرُّجوعِ، فأُشيعَ بيْنَ المسْلِمين أنَّه قدْ قُتِلُ في مكَّةَ حتَّى بَلَغَ ذلك النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ودَعا النَّاسَ لِلبَيعةِ، فبايَعَه بَعضُهم على المَوتِ، وبَعضُهم على ألَّا يَفِرُّوا، وتُسَمَّى هذه البَيعةُ بَيعةَ الرِّضوانِ؛ لِقَولِه تَعالَى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18]، ولكنَّ اللهَ سَلَّم ولم يُقتَلْ عُثمانُ رَضيَ اللهُ عنه وأرْسَلَت قُرَيشٌ فعَقَدَت صُلحَ الحُدَيبيةِ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان فيه: أنْ يَرجِعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بمَن معه هذا العامَ، ثمَّ يَعودُ للعُمرةِ في العامِ المقبِلِ، وهُدنةٌ عشْرَ سَنواتٍ، وأنَّ مَن جاء مِن المشْرِكين إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُسْلِمًا يُرَدَّ، وأنَّ مَن جاء مِن المسْلِمين مُرتدًّا إلى قُرَيشٍ فلا يَرُدُّوه