حديث الحارث بن مالك ابن برصاء 1
مستند احمد
حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا زكريا، عن الشعبي، عن الحارث بن مالك ابن برصاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تغزى مكة بعدها أبدا» قال سفيان: " الحارث خزاعي
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَؤوفًا رَحيمًا بالناسِ في غَيرِ معصيةٍ، وكان قويًّا شديدًا في ذاتِ اللهِ؛ فمَن أساءَ للهِ ولدِينِه بعْدَ أنْ تبَيَّنَ له الهُدَى؛ فإنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان لا تأخُذُه فيه لَومةُ لائمٍ، ويُجازيه بما يَستحقُّ من العقابِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ مُطِيعُ بنُ الأسودِ رضِيَ اللهُ عنه- وكان اسمُه العاصِ، فسمَّاهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُطيعًا-: "سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حين أمَرَ بقتْلِ هؤلاء الرَّهطِ بمكَّةَ" أي: يوم فَتْحِ مَكَّةَ، وكان في السَّنةِ الثامنةِ مِن الهِجرةِ، والرَّهطُ: ما دونَ العَشرةِ. وقيل: إلى الأربعينَ، والمقصودونَ هم: عبدُ اللهِ بنُ سَعدِ بنِ أبي سَرْحٍ، وعبدُ اللهِ بنُ خَطَلٍ، والحويرثُ بنُ نُقَيذِ بنِ وهبِ بنِ عَبْدِ بنِ قُصَيٍّ، ومِقْيَسُ بنُ صُبابةَ، وعِكرمةُ بنُ أبي جَهلٍ، وسارَّةُ مولاةٌ لِبني عبدِ المُطلَّبِ؛ وذلك لِمَا ارتَكَبوه مِن شَنائعَ تَستوجِبُ القتْلَ، ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعدَ ذلك، "لا تُغْزى هذه"، أي: مكَّةُ، "بعدَ اليومِ"، أي: يومِ الفتْحِ، "إلى يومِ القِيامةِ، ولا يُقتَلُ قُرشِيٌّ بعدَ هذا العامِ صَبْرًا أبدًا"، أي: يُحبَسُ حَيًّا ثمَّ يُقتَلُ، وكلُّ مَن قُتِلَ في غيرِ مَعركةٍ ولا حَربٍ ولا خَطأٍ، فإنَّه مَقتولٌ صَبْرًا، والمرادُ: الإعلامُ بأنَّ قُريشًا يُسلِمون كلُّهم، ولا يَرتدُّ أحدٌ منهم كما ارْتَدَّ غيرُهم بعدَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ممَّن حُورِبَ وقُتِلَ صَبْرًا. وليس المُرادُ: أنَّهم لا يُقتَلون ظُلمًا صَبْرًا
وفي الحديثِ: بَيانُ حُرمةِ مَكَّةَ، وفَضْلِ قُريشٍ