مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه442
حدثنا خلف بن الوليد، حدثنا المبارك، عن الحسن، عن أبي سعيد الخدري حدثه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أتي بتمر، فأعجبه جودته، فقالوا: يا رسول الله، إنا أخذنا صاعا (1) بصاعين لنطعمه، (2) فكره ذلك، " ونهى عنه " (3)
الرِّبا مِن أكبَرِ الكبائرِ، وقد نَهَى الشَّرعُ عن كلِّ بَيعٍ فيه شُبهةُ رِبًا، وأجاز البيعَ الحلالَ الَّذي لا رِبا فيه، حيثُ كانتِ الجاهليَّةُ تَموجُ بالبيوعِ الرِّبويَّةِ، فهذَّبَ الإسلامُ تلك البيوعَ ونقَّحَها.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أبو سَعيدٍ الخُدْريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ بِلالَ بنَ رَباحٍ رَضيَ اللهُ عنه جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، وهو مِن أجوَدِ أنواعِ التُّمورِ، فسَأَلَه النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَن مَصدرِ هذا التَّمرِ، فقالَ بِلالٌ رَضيَ اللهُ عنه: إنَّه كانَ عندَه تَمْرٌ رَديءٌ، فباعَ صاعينِ منه بِصاعٍ مِنَ التَّمرِ الجيِّدِ، فقالَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أوَّهْ أوَّه!» وهي كَلمةٌ تُقالُ عندَ التوَّجُّعِ والحزنِ، وقالَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تألُّمًا مِن هذا الفعلِ، وعدَمِ مَعرفةِ بِلالٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ ما فَعَلَه هو عَينُ الرِّبا، ويُسمَّى رِبا الفضْلِ، ثمَّ أرشَدَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بما يَجِبُ عليه فِعلُه إنْ أرادَ ذلك، فقالَ له: «ولكنْ إذا أردْتَ أنْ تَشتريَ فبِعِ التَّمرَ ببَيعٍ آخرَ، ثمَّ اشتَرِ به»، يعني: بِعِ التَّمرَ بالمالِ، ثمَّ اشتَرِ بهذا المالِ التَّمرَ الآخَرَ الَّذي تُريدُ، وبذلكَ لا يكونُ هناك تَفاضُلٌ في الجِنسِ الواحدِ، فلا يَكونُ البيعُ رِبًا.
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن رِبا الفضْلِ.
وفيه: اهتمامُ الإمامِ بأمْرِ الدِّينِ وتَعليمُه لمَن لا يَعلَمُه، وإرشادُه إلى التَّوصُّلِ إلى المُباحاتِ وغيرِها، واهتمامُ التَّابعِ بأمْرِ مَتبوعِه.
وفيه: أنَّ صَفقةَ الرِّبا لا تَصِحُّ.