مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 850
مسند احمد
حدثنا حماد بن أسامة، حدثني هشام بن عروة، حدثني عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحيا أرضا ميتة، فهي له، وما أكلت العافية منه، فهو له صدقة»
إعمارُ الأرضِ من الأُمورِ التي حثَّتْ عليها الشَّريعَةُ الإسلاميَّةُ
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن أحيَا"، أي: بالزِّراعةِ والعِمارَةِ ونَحوِهما على وَجْهٍ يُستفادُ بها هو أو غيرُه، "أرضًا مَيْتَةً"، أي: غيرَ مَمْلوكةٍ لأحَدٍ، ولم تَتَعلَّقْ بمَصلَحةِ بَلْدَةٍ أو قَريَةٍ؛ "فله بها أجْرٌ"، أي: فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يأجُرُه على هذا الإعمارِ للأرضِ بالثَّوابِ في الآخِرَةِ، وفي رِوايَةٍ عندَ أبي داودَ من حَديثِ عُروَةَ عن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فهو أحَقُّ به"، أي: أحَقُّ بالأرضِ التي أحْياها بالزِّراعةِ والعُمْرانِ، وأصبَحَتْ في حَوْزَتِه ومِلكِه، وكأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جعَل الإحْياءَ بالزَّرعِ والتَّعميرِ شَرطًا للتَّملُّكِ، وليس بالتَّحْجيرِ على الأرضِ وتَرْكِها دونَ تَعميرٍ أو زِراعةٍ، فهذا لا يَكونُ سبَبًا في تَملُّكِ الأرضِ
"وما أَكَلَه العَوافي منها"، أي: مِن هذه الأرضِ التي أحْياها، والعَوافي: كُلُّ طالِبِ رِزقٍ من إنسانٍ، أو دابَّةٍ، أو طائِرٍ، أو غيرِ ذلك، "فهو له صَدَقةٌ"، أي: كان أجْرُ ما يَستفيدُ منه العَوافي كأجْرِ الصَّدَقةِ
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ إحْياءِ الأرضِ المَواتِ والانتفاعِ بها