مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم 67
حدثنا سفيان، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، " إنما رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم حول الكعبة، ليري المشركين قوته "
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قائدًا ومُعلِّمًا ومُربِّيًا، وكان يُريدُ إظهارَ العِزَّةِ والقوَّةِ لدِينِ اللهِ، بإظهارِ قُوَّةِ وجلَدِ المسلِمين أمامَ الكُفَّارِ والمشرِكين، وفي هذا الحَديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "إنَّما سعى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بالبيتِ، وبين الصَّفا والمَرْوةِ"
أي: أسرَع في المشيِ في طوَافِه بالبيتِ وبين الصَّفا والمَرْوةِ، وكان ذلك في عُمرةِ القَضاءِ في ذي القَعدةِ مِن السَّنةِ السَّادسةِ للهِجرةِ، وكان ذلك لعامِه الَّذي استأمَن فيه، فأبى أهلُ مكَّةَ أن يُدخِلوهم حتَّى قاضَاهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على أن يُقيمَ بمكَّةَ ثلاثةَ أيَّامٍ يَقضي فيهم عُمرتَه
"ليُرِيَ المُشرِكين قوَّتَه" أي: وذلك إرهابًا لهم وتخويفًا؛ وذلك حتَّى لا يطمَعوا في المسلِمين ويَستضعِفوهم؛ وذلك أنَّ قُرَيشًا قالت: إنَّه يَقدَمُ عليكم وَفْدٌ أَنهكتْهم ووهنَتْهم حُمَّى يَثْرِبَ
أي: أضعَفَتْهم، وجعَلوا ينظُرون إليهم ويُراقِبونهم في طوافِهم؛
فالمرادُ بالسعيِ هنا شِدَّةُ المشيِ وسُرعتُه،
وفي روايةٍ: فأمَرهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم:
"أن يرمُلوا الأشواطَ الثَّلاثةَ، وأن يمشُوا ما بين الرُّكنينِ،
ولم يمنَعْه أن يأمُرَهم أن يرمُلوا الأشواطَ كلَّها إلَّا الإبقاءُ عليهم"
أي: مِن أجلِ الرِّفقِ بهم.
وفي الحديثِ: إظهارُ الجَلدِ والقُوَّةِ؛ ليغتاظَ العدوُّ