مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 701
حدثنا خلف، حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما حولت القبلة، قيل: يا رسول الله، أرأيت الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ " فأنزل الله: {وما كان الله ليضيع إيمانكم} [البقرة: 143] " (2)
في هذا الحديثِ يَحكي البَرَاءُ بنُ عازبٍ رضِي اللهُ عنه: أنَّه «لَمَّا قَدِم رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم المدينةَ» مُهاجِرًا مِن مَكَّةَ «صَلَّى نَحْوَ»، أي: جِهَةَ «بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أو سَبْعَةَ عَشَرَ شهرًا»، بِدايةً مِن أولِ الهجرةِ «وكان صلَّى الله عليه وسلَّم يُحِبُّ أن يُوَجَّهَ»، أي: يُؤْمَرَ بالتوجُّه «إلى الكَعْبَةِ، فأنزَل اللهُ تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}»، أي: تردُّدَ وجهِك وتصرُّفَ نظرِك في جِهَةِ السماءِ، «{فَلَنُوَلِّيَنَّكَ}»، أي: فلَنُعْطِيَنَّكَ ولَنُمَكِّنَنَّكَ مِن استِقبالِها «{قِبْلَةً تَرْضَاهَا}»، أي: تُحِبُّها وتَمِيلُ إليها؛ لِأَغْرَاضِكَ الصحيحةِ التي أَضْمَرْتَها ووافَقَتْ مشيئةَ الله وحِكمَتَه، «فوُجِّهَ نحوَ الكَعْبَةِ، وصلَّى معه رجلٌ» اسمُه عَبَّادُ بنُ بِشْرٍ أو عَبَّادُ بنُ نَهِيكٍ «العَصْرَ، ثُمَّ خَرَج فمَرَّ على قومٍ مِن الأنصارِ» يُصَلُّونَ العصرَ نحوَ بيتِ المَقْدِسِ، «فقال: هو يَشْهَدُ أنَّه صلَّى مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم»، وقولُه: (هُو يَشهدُ أنَّه...) جاءَ على طريقِ التَّجْرِيد؛ جَرَّدَ مِن نفسِه شَخْصًا، أو على طَريقِ الالتِفَاتِ، أو نَقَل الرَّاوِي كلامَه بالمعنى، «وأنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم قد وُجِّه إلى الكَعْبَةِ؛ فانْحَرَفُوا وهم رُكُوعٌ في صلاةِ العصرِ» نحوَ الكَعْبَةِ
في الحديثِ: شَرَفُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وكَرَامَتُه على ربِّه؛ حيثُ يُعطِيه ما يُحِبُّه مِن غيرِ سُؤالٍ
وفيه: بيانُ ما كان مِن الصَّحابةِ في الحِرْصِ على دِينِهم، والشَّفَقَةِ على إخوانِهم