‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما307

مسند احمد

‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما307

حدثنا خلف بن الوليد، حدثنا ابن عياش، عن محمد بن زياد الألهاني، عن أبي راشد الحبراني، قال أتيت عبد الله بن عمرو بن العاص، فقلت له: حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فألقى بين يدي صحيفة، فقال: هذا ما كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظرت فيها، فإذا فيها: أن أبا بكر الصديق قال: يا رسول الله، علمني ما أقول (1) إذا أصبحت وإذا أمسيت؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا بكر، قل: اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، لا إله إلا أنت، رب كل شيء ومليكه، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر (2) الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءا، أو أجره إلى مسلم " (3)

هذا الحديثُ قد اشتمَلَ على دُعاءٍ مِن الأدعيةِ الجوامعِ الَّتي كان يَدْعو بها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فيَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو رضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لأبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضِيَ اللهُ عنه: "يا أبا بكرٍ، قُلِ: اللَّهُمَّ فاطرَ السَّمواتِ والأرضِ"، أي: خالِقَهما ومُبدِعَهما، "عالِمَ الغيبِ والشَّهادةِ" الغيبُ: ما غاب عن العِبادِ، والشَّهادةِ: ما شاهَدُوه، "لا إلهَ إلَّا أنت"، أي: أشهَدُ أنَّه لا مَعْبودَ بحقٍّ إلَّا اللهُ، "ربَّ كلِّ شَيءٍ ومَلِيكَه"، أي: المالِكَ لكلِّ شيءٍ، المُتصرِّفَ فيه بمَشيئتِكَ، "أعوذُ بك مِن شَرِّ نفْسي"، أي: ألْتَجِئُ إليك وأحتَمِي بك مِن النَّفسِ الأمَّارةِ بالسُّوءِ، "ومِن شَرِّ الشَّيطانِ وشِرْكِه"، أي: مِن إغوائِه ووَسْوستِه، وشِرْكُ الشَّيطانِ، يَعْني: ما يَدْعو إليه مِن الشِّركِ والكُفرِ، أو أحْتِمي بك مِن حبائلِ الشَّيطانِ ومصائدِه، "وأنْ أقتَرِفَ على نَفْسي سُوءًا، أو أجُرَّه إلى مسلمٍ"، أي: أعوذُ بك مِن أنْ أجُرَّ على نَفْسي سُوءًا أو أتسبَّبَ به لمُسلمٍ؛ لأنَّ النَّفْسَ أمَّارةٌ بالسُّوءِ، ميَّالةٌ إلى الشَّهواتِ واللَّذَّاتِ الفانيةِ.
واستعاذَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن نفْسِه مع أنَّه مَجبولٌ على الخيرِ؛ وذلك أنَّ المُرادَ منه الدُّعاءُ بالدَّوامِ والثَّباتِ على ما هي عليه، وأيضًا تعليمٌ الأُمَّةِ وإرشادُهم إلى طريقِ الدُّعاءِ.