‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما453

مسند احمد

‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص  رضي الله عنهما453

حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، فذكر حديثا، قال ابن إسحاق: وذكر عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قتل مؤمنا متعمدا فإنه يدفع إلى أولياء القتيل، فإن شاءوا قتلوا، وإن شاءوا أخذوا الدية، وهي ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة، فذلك عقل العمد، وما صالحوا (2) عليه من شيء فهو لهم، وذلك شديد (3) العقل، وعقل شبه العمد مغلظة مثل عقل العمد، ولا يقتل صاحبه، وذلك أن ينزغ الشيطان بين الناس، فتكون دماء في غير ضغينة، ولا حمل سلاح "، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يعني: " من حمل علينا السلاح فليس منا، ولا رصد بطريق، فمن قتل على غير ذلك، فهو شبه العمد، وعقله مغلظة (1) ، ولا يقتل صاحبه، وهو بالشهر الحرام، وللحرمة وللجار، ومن قتل خطأ فديته مائة من الإبل، ثلاثون ابنة مخاض، وثلاثون ابنة لبون، وثلاثون حقة، وعشرة (2) بكارة بني لبون ذكور ". قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيمها على أهل القرى أربع مائة دينار، أو عدلها من الورق، وكان يقيمها على أثمان الإبل، فإذا غلت، رفع في قيمتها، وإذا هانت، نقص من قيمتها، على عهد (3) الزمان ما كان، فبلغت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين أربع مائة دينار إلى ثمان مائة دينار، وعدلها من الورق ثمانية آلاف درهم. وقضى أن من كان عقله (4) على أهل البقر، في البقر مائتي بقرة، وقضى أن من كان عقله (4) على أهل الشاء (5) ، فألفي شاة. وقضى في الأنف إذا جدع كله، بالعقل كاملا، وإذا جدعت أرنبته، فنصف العقل، وقضى في العين نصف العقل، خمسين من الإبل، أو عدلها ذهبا أو ورقا، أو مائة بقرة، أو ألف شاة، والرجل نصف العقل، واليد نصف العقل، والمأمومة ثلث العقل، ثلاث وثلاثون من الإبل، أو قيمتها من الذهب، أو الورق، أو البقر، أو الشاء، والجائفة ثلث العقل، والمنقلة خمس عشرة من الإبل، والموضحة خمس من الإبل، والأسنان خمس من الإبل (1)

 قَتْلُ المؤمِنِ بغَيرِ حقٍّ مِن أعظَمِ الذُّنوبِ، وأكبَرِ الكبائرِ، وأعظَمِ الآثامِ عِندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، وقد بيَّن الشرعُ حَدَّ مَن يُقتَلُ مؤمنٌ ظُلمًا، وجَعَل استيفاءَ الحقِّ لأولياءِ المقتولِ، كما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في هذا الحديثِ: "مَن قتَل مؤمِنًا مُتعمِّدًا"، أي: أيُّ أحدٍ قتَل رجُلًا مؤمِنًا عن عَمدٍ وقصدٍ، ظُلمًا وعُدوانًا، "دُفِع إلى أولياءِ المقتولِ"، أي: دُفِع هذا القاتِلُ إلى أهلِ المقتولِ فيَأخُذونه ويَنظُرون في أمْرِه، "فإن شاؤوا قَتَلوا"، أي: فإنْ رأى أهلُ المقتولِ أن يَقتُلوا هذا القاتِلَ قتَلوه بالقِصاصِ، "وإن شاؤوا أخَذوا الدِّيَةَ"، أي: وإنْ رَضِي أهلُ المقتولِ أن يَأخُذوا الدِّيَةَ أخَذوها بدَلًا مِن القِصاصِ، "وهي"، أي: ومقدارُ الدِّيةِ: "ثَلاثون حِقَّةً"، والحِقَّةُ هي النَّاقةُ الَّتي استَكمَلَت ثَلاثَ سِنين، وسُمِّيَت النَّاقةُ الَّتي بلَغَت ثلاثَ سِنين حِقَّةً؛ لأنَّها استحقَّت الوَطْءَ والحمْلَ، "وثَلاثون جَذَعةً"، والجذَعةُ هي النَّاقةُ الَّتي استَكمَلَت أربعَ سِنين ودخَلَت في السَّنةِ الخامسةِ، وسُمِّيَت بالجذَعةِ لأنَّها جَذَعَت مُقدَّمَ أسنانِها أي: كُسِرَت وسقَطَت، "وأربَعون خَلِفةً"، أي: وأربَعون ناقةً حوامِلَ، في بُطونِها أولادُها، وسُمِّيَت بذلك كِنايةً عن الخَلِفِ وهو المخاضُ والولادةُ. قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "وما صالَحوا عليه فهو لهم"، أي: وما اتَّفَق عليه أهلُ المقتولِ فهو لهم جائزٌ؛ فربَّما صالَحوا أو عفَوْا، فكلُّ ذلك جائزٌ لهم؛ "وذلك لتَشْديدِ العَقْلِ"، أي: تشديدًا لأمرِ الدِّيةِ وتَعظيمًا لأمرِ القتلِ، وعدمِ التَّهاونِ فيه.