مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما 273
مسند احمد
حدثنا ابن نمير، حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: «اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق فكان في يده» . ثم كان في يد أبي بكر من بعده، ثم كان في يد عمر، ثم كان في يد عثمان نقشه محمد رسول الله
أحبَّ الصَّحابةُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حبًّا شديدًا، وحملهم هذا الحبُّ على التزامِ أَمْرِه، والاقتداءِ بفِعْلِه، واقتفاءِ أثَرِه، وحِفْظِ آثارِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
وهذا الحديثُ في صِفةِ خاتَمِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الذي كان يَختِمُ به رَسائلَه للملوكِ التي كان يَدْعوهم فيها إلى الإسلامِ، وفيه يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه: أنَّ أبا بَكرٍ رضِيَ اللهُ عنهُ لمَّا أصبَحَ الخليفةَ بعْدَ مَوتِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، «كَتَبَ لَهُ»، أي: لأنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه حين وَجَّهه إلى البحرينِ، وكان قد كتب له مقاديرَ الزكاةِ، وخَتَمَهُ بخاتَمِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، الذي كانَ معهُ بعْدَ وَفاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، «وكانَ نقْشُ الخاتمِ»، أي: الكلامُ المكتوبُ عليه، «ثلاثةَ أسْطُرٍ: (مُحمَّدٌ) سَطْرٌ، و(رسولُ) سَطْرٌ، و(اللهِ) سَطْرٌ»، وكانَ لفظُ الجَلالةِ في أَعلى الخَاتمِ. ويُخبِرُ أنسٌ رَضِيَ اللهُ عنه أن خاتَم النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان في يدِهِ، ثمَّ في يدِ أَبي بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، ثم في يدِ عُمرَ بعدَ أَبي بَكْرٍ، فكانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والخُلفاءُ مِن بَعدِهِ يَجعلونَ الخاتَمَ في أيديهِمْ يَلْبَسونَهُ في أصابِعِهمْ، وفَصُّهُ ناحيةَ بَطنِ اليَدِ، وظِلُّ خَاتمِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هُوَ المُستَخدَمُ معَ أبي بَكرٍ وعُمرَ، فَلَمَّا استخلف عُثمانُ رَضِيَ اللهُ عنه لَبِسَ الخاتَمَ، وفي يومٍ جَلَسَ عَلى بِئْرِ أَرِيسٍ، وهوَ بِئرٌ كانَ في المدينةِ، فأَخْرَجَ الخاتَمَ فجَعلَ يُحَرِّكُه في إصبَعِه، أو في يَدِه، فَسَقَطَ الخاتَمُ في البِئرِ، فتناوبوا الذَّهابَ للبِئرِ ثلاثةَ أيَّامٍ للبَحْثِ عنِ الخاتَمِ، وأفرغوا البِئرَ من الماءِ، ولكنَّهمْ لم يَجِدوا الخاتَمَ
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ اتِّخاذِ الخاتمِ -وما يُستجَدُّ من الوسائِلِ- لتَوْثيقِ مُكاتَباتِ ووَثائقِ الدَّوْلةِ