مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 26
مستند احمد
حدثنا سفيان، عن جامع، عن أبي وائل، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يمنع عبد زكاة ماله إلا جعل [ص:49] له شجاع أقرع يتبعه، يفر منه وهو يتبعه، فيقول: أنا كنزك " ثم قرأ عبد الله مصداقه في كتاب الله: سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة [ص:50] قال سفيان مرة: «يطوقه في عنقه»
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يحُثُّ أصْحابَه رَضِي اللهُ عَنهم على الصَّدَقةِ، ويُبيِّنُ لهم فَضْلَها، ويُحذِّرُهم مِنَ البُخلِ، ويوضِّحُ لهم عاقِبتَه وخاتِمتَه
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ما مِنْ أحَدٍ لا يُؤَدِّي زَكاةَ مالِه"، أي: لا يُعطِي المستحقِّينَ للزَّكاةِ الزَّكاةَ الواجِبَةَ في مالِه، وهو المالُ الذي يَبلُغُ النِّصابَ، ويَمُرُّ عليه عامٌ قَمَريٌّ؛ فيُخرَجُ منه رُبُعُ العُشرِ، وأيضًا يَدخُلُ فيها زَكاةُ الأنعامِ والماشيةِ وزكاةُ الزُّروعِ والثِّمارِ وعُروضِ التِّجارةِ بحَسَبِ أنصابِها وأنصبتِها، "إلَّا مُثِّلَ له يَوْمَ القِيامَةِ شُجاعًا أَقْرَعَ" الشُّجاعُ الحيَّةُ الذَّكَرُ، والأَقْرعُ الذي تمعَّطَ شَعرُه؛ وهذا لكَثْرةِ سُمِّه، والمعنى: صُوِّرَ له مالُه الذي بَخِلَ به بصُورةِ ثُعْبانٍ سامٍّ، يُخوِّفُه ويَضرِبُه، "حتى يُطوِّقَ به عُنُقَه"، أي: يَلتَفُّ حولَ رَقَبَةِ مانِعِ زَكاةِ المالِ، وفي رِوايَةِ البُخاريِّ من حَديثِ أبي هُرَيْرةَ رضِيَ اللهُ عنه: "يُطوَّقُه يومَ القِيامَةِ، ثم يَأخُذُ بلِهْزَمتيْهِ -يعني بشِدْقَيْهِ- ثم يقولُ: أنا مالُكَ، أنا كَنْزُكَ". قال ابنُ مَسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه: "ثُمَّ قَرَأَ علينا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِصداقَه من كِتابِ اللهِ"، أي: تَلا عليهم مَنْ يُصدِّقُ قولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من كَلامِ اللهِ تَعالى، وهو قولُه: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 180]
وفي الحديثِ: بَيانُ إثْمِ البُخْلِ بالمالِ الزائِدِ، والوَعيدُ الشَّديدُ المُتَرتِّبُ على ذلِك