مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 81
مسند احمد
حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، قال: قال عبد الله لابن النواحة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لولا أنك رسول لقتلتك» ، فأما اليوم فلست برسول، يا خرشة، قم فاضرب عنقه، قال: فقام إليه، فضرب عنقه
النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان خُلقُه القُرآنَ، وكان مِن خُلقِه الوَفاءُ، وعَدَمُ الغدْرِ بأيِّ إنسانٍ كائنًا مَن كان، وقد جرَتِ العادةُ عندَ المُلوكِ والزُّعماءِ أنَّ الرُّسلَ لا تُقتَلُ، فلمَّا جاء الإسلامُ أقرَّ هذا الخُلقَ وعمِلَ به
وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه: "جاء ابنُ النَّوَّاحةِ" واسمُه عبدُ اللهِ، "وابنُ أُثَالٍ رسولَا مُسَيلِمةَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: إنَّهم جاؤوا مِن عندِ مُسَيلِمةَ الكذَّابِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رُسلًا، "فقال لهما النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أتَشْهدانِ أنِّي رسولُ اللهِ؟" كأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أراد بذلك دَعوتَهما إلى الإسلامِ، "فقالا: نَشهَدُ أنَّ مُسَيلِمةَ رسولُ اللهِ"، أي: أقَرَّا لِمُسَيلمةَ بدَعوتِه الكاذبةِ، وكفَرَا برِسالةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "آمنْتُ باللهِ ورَسولِه"، أي: للذي ثَبَتتْ رِسالتُه، لا للَّذي ادَّعاها كذِبًا، "ولو كنتُ قاتلًا رسولًا لَقتَلْتُكما"، أي: لولا الأمانُ الذي يأْتي به الرُّسلُ، لكان الأَولى بِكُما في هذا المقامِ القتْلَ. قال عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه: "فمَضَتِ السُّنةُ أنَّ الرُّسلَ لا تُقتَلُ"، أي: جرَتِ السُّنةُ بعْدَ ذلك على ما كانتْ عليه عادةُ العرَبِ في أنَّ الرُّسلَ لا تُقتَلُ