مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه 212
حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عطاء، مولى أم صبية، عن أبي هريرة (3) ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، ولأخرت عشاء الآخرة إلى ثلث الليل الأول، فإنه إذا مضى ثلث الليل الأول هبط الله تعالى إلى السماء الدنيا، فلم يزل هناك حتى يطلع الفجر، فيقول قائل: ألا سائل يعطى، ألا داع يجاب، ألا سقيم يستشفي فيشفى، ألا مذنب يستغفر فيغفر له؟ " (4)
قَوْلُهُ: "مَوْلَى أُمِّ صُبَيَّةَ": - بِالتَّصْغِيرِ - .
قَوْلُهُ: "فَإِنَّهُ إِذَا مَضَى" : يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِ الْغَايَةِ بِأَنْ تَقَعَ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ الثُّلُثِ الثَّانِي مَثَلًا لِإِدْرَاكِ هَذِهِ الْفَضِيلَةِ.
"هَبَطَ اللَّهُ" : أَيْ: نَزَلَ نُزُولًا يَلِيقُ بِهِ، وَبِالْجُمْلَةِ: فَحَقِيقَةُ النُّزُولِ تُفَوَّضُ إِلَى عِلْمِهِ تَعَالَى وَالْقَدْرُ الْمَقْصُودُ بِالْإِفْهَامِ يَعْرِفُهُ كُلُّ أَحَدٍ، وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَقْتُ قُرْبِ الرَّحْمَةِ إِلَى الْعِبَادِ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ إِضَاعَتُهُ بِالْغَفْلَةِ، ثُمَّ وَقْتُ النُّزُولِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ أَوَّلُ الثُّلُثِ الثَّانِي، وَقَدْ جَاءَ كَذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ كَمَا فِي مُسْلِمٍ، وَبَعْضِ رِوَايَاتِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مُسْلِمٍ، وَفِي بَعْضِهَا: الثُّلُثُ الثَّالِثُ، وَفِي
بَعْضِهَا: النِّصْفُ، وَلَكِنْ سَوْقُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ وَالتَّخْطِئَةَ، فَهُوَ يُرِيدُ رِوَايَةَ النُّزُولِ بَعْدَ الثُّلْثِ الْأَوَّلِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
"فَيَقُولُ قَائِلٌ" : عَطْفٌ عَلَى "هَبَطَ"، لَا عَلَى "حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ"، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَائِلَ غَيْرُهُ تَعَالَى، وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.
"يُعْطَى" : عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ.
"يَسْتَشْفِي" : عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ.