مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه 267
حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن الحسن، وعبد الله، ابني محمد بن علي، عن أبيهما محمد بن علي: أنه سمع أباه علي بن أبي طالب، قال لابن عباس، وبلغه أنه رخص في متعة النساء، فقال له علي بن أبي طالب: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عنها يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهلية "
بيَّن النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأُمَّتِه أمورَ دِينِها، وقد كان أصحابُه رضِيَ اللهُ عنهم يُطبِّقون ذلك، ويُعلِّم بعضُهم بعضًا ما عساه أنْ يكونَ قد غابَ عنه.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ محمَّدُ ابنُ الحَنفيَّةِ: أنَّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ رضِيَ اللهُ عنه مَرَّ بعبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ "وهو يُفْتي بالمُتعةِ؛ مُتعةِ النِّساءِ: أنَّه لا بأْسَ بها"، والمقصودُ بمُتعةِ النِّساءِ: زَواجُ المرأةِ لمدَّةٍ مُعيَّنةٍ بلَفظِ التَّمتُّعِ على قَدْرٍ مِن المالِ، وقد كان هذا الزَّواجُ مُباحًا أوَّلَ الأمرِ، ثمَّ نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنه إلى يومِ القِيامةِ، كما قال عليٌّ رضِيَ اللهُ عنه: "قد نَهى عنها رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: قد نُسِخَ الحُكمُ مِن الجَوازِ إلى النَّهيِ عنه، "وعن لُحومِ الحُمُرِ الأهليَّةِ"، وهي الَّتي تَألَفُ البُيوتَ وتَأنَسُ بالنَّاسِ، فهذه الَّتي نُهِيَ عن أكْلِ لُحومِها، بخِلافِ الحُمُرِ الوَحشيَّةِ الَّتي تَنفِرُ منهم؛ فإنَّها أُبِيحَتْ في أحاديثَ أُخرَى،
وكان هذا النَّهيُ "يومَ خَيبرَ"، أي: وقَعَ النَّهيُ عنهما في غَزوةِ خَيبرَ، وكانتْ في السَّنةِ السَّابعةِ مِن الهِجرةِ، وخَيبرُ: قَريةٌ تبعُدُ عن المدينةِ 165 ميلًا (265 كم) على طريقِ الشَّامِ.