مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه 45
حدثنا إسماعيل، عن سعيد بن أبي عروبة، عن عبد الله الداناج، عن حضين أبي ساسان الرقاشي، قال: إنه قدم ناس من أهل الكوفة على عثمان، فأخبروه بما كان من أمر الوليد - أي بشربه الخمر - فكلمه علي في ذلك، فقال: دونك ابن عمك، فأقم عليه الحد. فقال: يا حسن، قم فاجلده. قال: ما أنت من هذا في شيء، ول هذا غيرك. قال: بل ضعفت ووهنت وعجزت، قم يا عبد الله بن جعفر. فجعل عبد الله يضربه، ويعد علي، حتى بلغ أربعين، ثم قال: " أمسك - أو قال: كف - جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين، وأبو بكر أربعين، وكملها عمر ثمانين، وكل سنة " (1)
قَوْلُهُ: "عَنْ حُضَيْنٍ" : بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ، مُصَغَّرٌ - .
"أَبِي سَاسَانَ": - بِمُهْمَلَتَيْنِ - ، وَهُوَ لَقَبٌ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ.
"الرَّقَاشِيِّ": - بِتَخْفِيفِ الْقَافِ وَبِالْمُعْجَمَةِ - ، كَانَ مِنْ أُمَرَاءِ عَلِيٍّ بِصِفِّينَ، ثِقَةٌ كَمَا فِي "التَّقْرِيبِ".
قَوْلُهُ: "بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْوَلِيدِ" أَيْ: إِنَّهُ صَلَّى بِالنَّاسِ أَرْبَعًا فِي الصُّبْحِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: أَزِيدُ؟
"بِشُرْبِهِ الْخَمْرَ" : أَيْ: بِسَبَبِ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ.
"ابْنَ عَمِّكَ" : - بِالنَّصْبِ - ; أَيْ: خُذْهُ.
"قَالَ: مَا أَنْتَ" أَيْ: قَالَ الْحَسَنُ لِعَلِيٍّ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: "وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا".
"ضَعُفْتَ" : - بِضَمِّ الْعَيْنِ - ; أَيْ: هَذَا الْكَلَامُ مِنَ الْعَجْزِ وَالضَّعْفِ، وَإِلَّا، فَإِقَامَةُ الْحُدُودِ لَازِمَةٌ.
"وَكَمَّلَهَا" : مِنَ التَّكْمِيلِ; أَيْ: ضِعْفَ أَرْبَعِينَ.
"وَكُلٌّ سُنَّةٌ" : أَشَارَ إِلَى أَنَّ أَصْلَ الثَّمَانِينَ ثَابِتٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ; إِذِ السُّنَّةُ إِذَا أَطْلَقَهَا الصَّحَابِيُّ، فَالْمُرَادُ سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَأَنَّ الثَّمَانِينَ كَانَتْ فِي وَقْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْدَفَعَ تَوَهُّمُ أَنَّهُ كَيْفَ زَادَ عُمَرُ فِي حُدُودِ اللَّهِ؟ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.