مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 350
حدثنا معاوية، حدثنا زائدة، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ فقال: " لو كان على أمك دين، أكنت قاضيه عنها؟ " قال: نعم، قال: " فدين الله أحق أن يقضى "
الصيام ركن من أركان الإسلام، وقد بين القرآن مجمل أحكامه، وفصلتها السنة النبوية، ونقل ذلك الصحابة الكرام رضي الله عنهم
وفي هذا الحديث يروي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أن أمه قد ماتت وفي ذمتها صوم شهر واجب عليها -سواء كان رمضان، أو نذرا، أو كفارة- لم تصمه فهل يجزئ أن يقضيه عنها؟ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، اقض عنها صومها؛ فإنك إن فعلت ذلك سقط عنها، ثم ضرب له النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك مثلا بالدين وقضائه عن الميت وأنه يجزئ عنه؛ فدين الله -الذي هو الصوم- أولى بالقضاء وقبوله
وفي بعض الروايات -كما في صحيح مسلم- أن امرأة هي التي استفتت النبي صلى الله عليه وسلم في أمها، فيحتمل أنهما قصتان
فإذا مات الميت وعليه صوم مع تمكنه من القضاء، فإن لوليه -وهو كل قريب له ولو كان غير وارث- أن يصوم عنه، ويسقط عن الميت ذلك الفرض الذي عليه، ويكون قضاؤه عنه بمنزلة قضائه هو عن نفسه، فإن لم يفعل أطعم عنه لكل يوم مسكينا. وأما إن مات قبل أن يتمكن من القضاء لعذر -كمن استمر به المرض حتى مات- فلا شيء عليه، ولا يقضي أولياؤه عنه شيئا؛ وهذا لعموم قول الله تعالى: {ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} [البقرة: 185]، فجعل الله تعالى الواجب عليه عدة من أيام أخر، فإذا مات المريض في مرضه لا يجب عليه أن يصوم، ولا يجب أن يطعم عنه؛ لأن الإطعام بدل عن الصيام، فإذا لم يجب الصيام لم يجب بدله. وأما من ترك الصيام تفريطا وإهمالا، ولم يكن له عذر ثم مات، فهذا لا يلزم أولياءه القضاء ولا يصح منهم؛ لفوات وقته
وفي الحديث: الحرص على الوفاء بحقوق الله تعالى
وفيه: الحث على بر الوالدين بعد مماتهما
وفيه: مشروعية الأخذ بالقياس