مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه 169
حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن أبيه، عن عباية بن رفاعة، قال:
بلغ عمر أن سعدا لما بنى القصر، قال: انقطع الصويت، فبعث إليه محمد بن مسلمة، فلما قدم أخرج زنده، وأورى ناره، وابتاع حطبا بدرهم، وقيل لسعد: إن رجلا فعل كذا وكذا. فقال: ذاك محمد بن مسلمة. فخرج إليه فحلف بالله ما قاله، فقال: نؤدي عنك الذي تقوله، ونفعل ما أمرنا به. فأحرق الباب، ثم أقبل يعرض عليه أن يزوده فأبى، فخرج فقدم على عمر، فهجر إليه، فسار ذهابه ورجوعه تسع عشرة، فقال: لولا حسن الظن بك لرأينا أنك لم تؤد عنا. قال: بلى، أرسل يقرأ السلام، ويعتذر، ويحلف بالله ما قاله. قال: فهل زودك شيئا؟ قال: لا، قال (1) : فما منعك أن تزودني أنت؟ قال: إني كرهت أن آمر لك فيكون لك البارد، ويكون لي الحار، وحولي أهل المدينة قد قتلهم الجوع، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يشبع الرجل دون جاره " (2)
قَوْلُهُ: "انْقَطَعَ الصُّوَيْتُ" : تَصْغِيرُ الصَّوْتِ، كَأَنَّهُ أَرَادَ: أَنَّ الصَّوْتَ مَا يَصِلُ
إِلَيْهِ; لِارْتِفَاعِ قَصْرِهِ، فَلَا يَصِلُ إِلَيْهِ كَلَامُ مَنْ جَاءَهُ مِنْ عُمَرَ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
"خَرَجَ إِلَيْهِ" : أَيْ: سَعْدٌ.
"نُؤَدِّي" : - بِتَشْدِيدِ الدَّالِ - ; مِنْ أَدَّى، عَلَى صِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ; أَيْ: أُبَلِّغُ إِلَى عُمَرَ مِنْكَ مَا قُلْتَ، لَكِنَّ عُمَرَ أَمَرَنِي بِإِحْرَاقِ الْبَابِ، فَلَا بُدَّ لِي مِنْ ذَلِكَ.
"فَهَجَّرَ" : - بِالتَّشْدِيدِ - ; أَيْ: أَسْرَعَ إِلَى عُمَرَ.
"ذَهَابُهُ" : - بِالرَّفْعِ - ، وَالْجُمْلَةُ بَيَانٌ لِإِسْرَاعِهِ.
"فَقَالَ" : أَيْ: عُمْرُ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ; لِسُرْعَةِ ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ.