مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه 33
حدثنا عفان، حدثنا خالد، عن يزيد بن أبي زياد، عن عاصم بن عبيد الله، عن أبيه، أو عن جده عن عمر بن الخطاب، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الحدث توضأ، ومسح على الخفين
شُرِعَ المسحُ على الخُفَّينِ والصَّلاةُ فيهما؛ تَخفيفًا وتيسيرًا على أمَّةِ الإسلامِ
وفي هذا الحديثِ يَروي التابعيُّ همَّامُ بنُ الحارثِ أنَّه رأَى الصحابيَّ جَريرَ بنَ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه بالَ، ثمَّ توضَّأ ولم يَغسِلْ رِجلَيهِ، وإنَّما مَسَح على الخُفَّينِ بدلًا من غَسْلِ الرِّجلَينِ، ثمَّ قام فَصلَّى في خُفَّيهِ، ولم يَنزِعْهما، فسُئِل لماذا مَسَح على خُفَّيهِ وصلَّى فيهما؟ فقال: رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صنَع مِثلَ هذا، فاكتفَى بمَسحِ خُفَّيهِ، وصلَّى فيهما، فاقتدَيتُ به، وعَمِلتُ بسُنَّتِه.
فالمسحُ على الخُفَّينِ رُخصةٌ للمُسافرِ والمُقيمِ، وتَوقيتُ المسحِ للمسافرِ ثلاثةُ أيَّامٍ،
وللمُقيمِ يَومٌ ولَيلةٌ، وصِفةُ المسحِ تَكونُ على ظُهورِ القَدمَينِ لا بُطونِهما، على أن يُدخِلَ رِجْلَيْه طاهِرتَينِ في الخُفِّ كما هو في ظاهرِ الرِّواياتِ.وكان يُعجِبُ إبراهيمَ النَّخَعيَّ وغيرَه مِن التابِعينَ حديثُ جَريرِ بنِ عبدِ الله؛ لأنَّه يدُلُّ على أنَّ مشروعيَّةَ المسحِ على الخُفَّيْنِ باقيةٌ لم تُنسَخْ بآيةِ الوُضوءِ في سورةِ المائدةِ الَّتي فيها وُجوبُ غسلِ الرِّجْلَينِ، وهي قولُه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6]؛ وذلك لأنَّ جَريرًا رَضيَ اللهُ عنه أسْلَمَ بعْدَ نُزولِها، فقد أسلَمَ في آخِرِ حياةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في السَّنةِ التي تُوفِّيَ فيها، ورآه يَمسَحُ عليهما،
فأخبَرَ بما رآهُ بعْدَ نزولِ آيةِ الوُضوءِ؛ فأكَّد أنَّ المسْحَ مشروعٌ وباقٍ.
وفي الحديثِ: حِرصُ الصَّحابةِ والتابِعينَ على اتِّباعِ سُنَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.