مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل 2
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن يزيد بن محمد، عن سعد بن إسحق، عن عمته زينب بنت كعب، عن الفريعة بنت مالك: أن زوجها تكارى علوجا ليعملوا له فقتلوه، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: إني لست في مسكن له ولا يجري علي منه رزق، أفأنتقل إلى أهلي ويتاماي وأقوم عليهم؟ قال «افعلي»، ثم قال: «كيف قلت؟» فأعادت عليه قولها، قال: «اعتدي حيث بلغك الخبر»
كان الصَّحابةُ رضِي اللهُ عنهم إذا عَنَّ لهم شيءٌ توَجَّهوا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَستَفْتونه ويَسألونَه؛ لكي يُزيلَ عنهم ما هو مُشكِلٌ وغيرُ واضحٍ في أمورِ دِينِهم ودُنياهم
وفي هذا الحَديثِ أنَّ الفُرَيعةَ بنتَ مالكِ بنِ سِنانٍ، وهي أختُ أبي سعيدٍ الخُدْريِّ "جاءَتْ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَسألُه أن تَرجِعَ إلى أهلِها في بَني خُدْرةَ؛ فإنَّ زوجَها خرَج في طلَبِ أعبُدٍ له أبَقُوا"، يَعني: أنَّ عَبيدًا ومَماليكَ له هرَبوا منه، "حتَّى إذا كانوا بطرَفِ القَدُّومِ لَحِقَهم فقَتلُوه"، أي: إنَّ العَبيدَ لَمَّا أدرَكَهم في طرَفِ القَدُّومِ، وهو موضعٌ في المدينةِ، قتَلوه، فجاءَت الفُريعَةُ، فقالتْ: "فسألتُ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن أرجِعَ إلى أهلي"، يَعني: استأذنَتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن تنتَقِلَ إلى بيتِ أهلِها، ثمَّ قالَت: "فإنِّي لم يَترُكْني في مَسكَنٍ يَملِكُه ولا نفَقةٍ"، تَعني: أنَّ زوجَها ترَكَها في منزلٍ وبيتٍ ليس مِن مُمتلَكاتِه، ولا ترَك مالًا تُنفِقُ منه على نفسِها، "قالت"، أي: الفُريعةُ: "فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "نعَم"، يَعني: رخَّص لها في الانتِقالِ إلى بيتِ أهلِها
قالَت: "فخرَجتُ"، تَعني: مِن عِندِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "حتَّى إذا كنتُ في الحُجرةِ أو في المسجدِ دَعاني"، تَعني: ناداني صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "أو أمَر بي فدُعيتُ له"، أي: أمَر أحدًا أن يَستدعيَني له، "فقال: "كيف قُلتِ؟"، يَعني: ما الذي قُلتِه؟ "فردَدتُ عليه القِصَّةَ التي ذكَرتُ مِن شأنِ زوجي"، أي: أعَدتُ عليه القصَّةَ مرَّةً أخرى، فقالت: "فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "امكُثي"، أي: اقعُدي "في بيتِك الَّذي كنتِ فيه حتَّى يَبلُغَ الكتابُ أجَلَه"، أي: حتَّى تَمضِيَ الأربعةُ الأشهُرِ والعشَرةُ الأيَّامِ الَّتي هي مُدَّةُ العِدَّةِ، قالت: "فاعتدَدتُ فيه أربعةَ أشهُرٍ وعشرًا"، تَعني: أكمَلتُ العدَّةَ في هذا البيتِ، وهي أربعةُ أشهُرٍ وعشَرةُ أيَّامٍ
ثمَّ قالَت: "فلمَّا كان عثمانُ بنُ عفَّانَ أرسَل إليَّ فسَألني عن ذلك فأخبرتُه، فاتَّبعَه وقَضَى به"، أي: إنَّه لَمَّا جاءتْ خلافةُ عُثمانَ بنِ عفَّانَ رضِي اللهُ عنه أَرْسَلَ إليها وسألَها، فلمَّا أَخبَرَتْه بالقِصَّةِ اتَّبَعَ ذلك، وقضَى بأنَّ المرأةَ تَعتَدُّ في بيتِ زوجِها عدَّةَ الوفاةِ
وفي الحديثِ: أنَّ للمُتوفَّى عنها زوجُها السُّكْنى، وأنَّها لا تَعتدُّ إلَّا في بيتِ زوجِها